Les Yeux du Patrimoine sur les Arts des Campagnes Militaires, les Traits Physiques et les Biographies
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Maison d'édition
دار القلم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٤/١٩٩٣.
Lieu d'édition
بيروت
بَعْضُ مَنْ رَآهُمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَئِذٍ: مَا رَأَيْنَا بَعْدَهُمْ وفدا مثلهم، وقد حانت صلاتهم، فقاموا في مسجد رسول الله ﷺ يُصَلُّونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «دَعُوهُمْ فَصَلَّوْا إِلَى الْمَشْرِقِ»
وَكَانَ تسمية الأربعة عشر: السيد، والعاقب، وأبو الحارثة، وأوس، والحرث، وَزَيْدٌ، وَقَيْسٌ، وَيَزِيدُ، وَنُبَيْهٌ، وَخُوَيْلِدٌ، وَعَمْرٌو، وَخَالِدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، وَيُحَنّسُ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْهُمْ أَبُو حَارِثَةَ وَالْعَاقِبُ وَالأَيْهَمُ، وَهُمْ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ عَلَى دِينَ الْمَلِكِ، مَع اخْتِلافٍ فِي أَمْرِهِمْ يَقُولُون: هُوَ اللَّهُ، وَيَقُولُونَ: هُوَ وَلَدُ اللَّهِ، وَيَقُولُونَ: هُوَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّصْرَانِيَّةِ، فَهُمْ يَحْتَجُّونَ فِي قولهم: هو الله، بأنه كان يحي الْمَوْتَى، وَيُبْرِئُ الأَسْقَامَ، وَيُخْبِرُ بِالْغُيُوبِ، وَيَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَيَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائِرًا، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِأَمْرِ اللَّهِ ﵎، وَلِيَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ، وَيَحْتَجُّونَ فِي قَوْلِهِمْ بِأَنَّهُ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ، بِقَوْلِ اللَّهِ: فَعَلْنَا وَأَمَرْنَا وَخَلَقْنَا وَقَضَيْنَا، فَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ وَاحِدًا مَا قَالَ إِلَّا فَعَلْتُ وَأَمَرْتُ وَقَضَيْتُ وَخَلَقْتُ، وَلَكِنَّهُ هُوَ عِيسَى وَمَرْيَمُ، فَفِي كُلِّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ نَزَلَ الْقُرْآنُ،
فَلَمَّا كَلَّمَهُ الْحَبْرَانِ قَالَ لَهُمَا رَسُول اللَّهِ ﷺ: «أَسْلِمَا» قَالا: قد أَسْلَمْنَا، قَالَ: «إِنَّكُمَا لَمْ تُسْلِمَا فَأَسْلَمَا» قالا: بلى قد أسلمنا قبلك، قال: وكذبتما يَمْنَعُكُمَا مِنَ الإِسْلامِ دُعَاؤُكَمَا لِلَّهِ وَلَدًا، وَعِبَادَتُكُمَا الصَّلِيبَ، وَأَكْلُكُمَا الْخِنْزِيرَ» قَالا: فَمَنْ أَبُوهُ يَا مُحَمَّدُ؟ فَصَمَتُ فَلَمْ يُجِبْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ صَدْرَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ إِلَى بِضْعٍ وَثَمَانِينَ آيَةً،
فَلَمَّا أَتَى رَسُول اللَّهِ ﷺ الْخَبَرَ مِنَ اللَّهِ عَنْهُ وَالْفَصْلَ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، وَأَمَرَ بِمَا أُمِرَ مِنْ مُلاعَنَتِهِمْ إِنْ رَدُّوا ذَلِكَ عَلَيْهِ دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ دَعْنَا نَنْظُرُ فِي أَمْرِنَا ثُمَّ نَأْتِكَ بِمَا تُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ فِيمَا دَعَوْتَنَا إِلَيْهِ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ، ثُمَّ خَلَوْا بِالْعَاقِبِ وَكَانَ ذَا رَأْيِهِمْ فَقَالُوا: يَا عبد المسيح: ما ترى؟
فقالوا: وَاللَّهِ يَا مَعْشَرَ النَّصَارَى لَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مِنْ خَبَرِ صَاحِبِكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا لاعَنَ قَوْمٌ نَبِيًّا قط فبقى كبيرهم، ولا نبت صَغِيرهُمْ، وَإِنَّهُ لَلاسْتِئْصَالُ مِنْكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ، فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ أَبَيْتُمْ إِلَّا إِلْفَ دِينِكُمْ وَالإِقَامَةَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْقَوْلِ فِي صَاحِبِكُمْ فَوَادَعُوا الرَّجُلَ ثُمَّ انْصَرِفُوا إِلَى بِلادِكُمْ،
فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ قَدْ رَأَيْنَا أَنْ لا نُلاعِنَكَ، وَأَنْ نَتْرُكَكَ عَلَى دِينِكَ وَنَرْجِعَ عَلَى دِينِنَا، وَلَكِنِ ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلا مِنْ أَصْحَابِكَ تَرْضَاهُ لَنَا يَحْكُمُ بَيْنَنَا فِي أَشْيَاءَ اخْتَلَفْنَا فِيهَا مِنْ أَمْوَالِنَا، فَإِنَّكُمْ عِنْدَنَا رِضًى، فقال رسول الله ﷺ: «ائْتُونِي الْعَشِيَّةَ أَبْعَثُ مَعَكُمُ
1 / 253