Les Yeux du Patrimoine sur les Arts des Campagnes Militaires, les Traits Physiques et les Biographies

Ibn Sayyid al-Nas d. 734 AH
153

Les Yeux du Patrimoine sur les Arts des Campagnes Militaires, les Traits Physiques et les Biographies

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Maison d'édition

دار القلم

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٤/١٩٩٣.

Lieu d'édition

بيروت

فَيُقِيمُونَهُ، فَإِذَا مَشَى رَجَمُوهُ وَهُمْ يَضْحَكُونَ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَقِيهِ بِنَفْسِهِ، حَتَّى لَقَدْ شُجَّ فِي رَأْسِهِ شِجَاجًا، قَالَ ابْنُ عُقْبَةَ: فَخَلُصَ مِنْهُمْ وَرِجْلاهُ تَسِيلانِ دَمًا، فَعَمِدَ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِهِمْ [١] فَاسْتَظَلَّ فِي ظِلِّ حَبَلَةٍ [٢] مِنْهُ وَهُوَ مَكْرُوبٌ مُوجَعٌ، وَإِذَا فِي الْحَائِطِ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، فَلَمَّا رَآهُمَا كَرِهَ مَكَانَهُمَا لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَدَاوَتِهِمَا لله ورسوله. قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ ابْنَا رَبِيعَةَ وَمَا لَقِيَ تَحَرَّكَتْ لَهُ رَحِمَهُمَا، فَدَعُوا غُلامًا لَهُمَا نَصْرَانِيًّا يُقَالُ لَهُ: عَدَّاسٌ، فَقَالا لَهُ: خُذْ قُطْفًا مِنْ هَذَا الْعِنَبِ فَضَعْهُ فِي هَذَا الطَّبَقِ ثُمَّ اذْهَبْ بِهِ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَقُلْ لَهُ يَأْكُلُ مِنْهُ، فَفَعَلَ عَدَّاسٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ حَتَّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ قَالَ لَهُ: كل، فلما وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» ثُمَّ أَكَلَ، فَنَظَرَ عَدَّاسٌ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَكَلامٌ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلادِ، فقال له رسول الله ﷺ «وَمِنْ أَيِّ الْبِلادِ أَنْتَ يَا عَدَّاسُ، وَمَا دِينُكَ»؟ قَالَ: نَصْرَانِيٌّ، وَأَنَا مِنْ أَهْلَ نِينَوَى، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مِنْ أَهْلِ قَرْيَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» قَالَ لَهُ عَدَّاسٌ: وَمَا يُدْرِيكَ مَا يُونُسُ بْنُ مَتَّى! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ذَاكَ أَخِي كَانَ نَبِيًّا، وَأَنَا نَبِيٌّ» فَأَكَبَّ عَدَّاسٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُقَبِّلُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَهُمَا عَدَّاسٌ قَالا لَهُ: وَيْلَكَ مَا لَكَ تُقَبِّلُ رَأْسَ هَذَا الرَّجُلِ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ، قَالَ: يَا سَيِّدِي مَا فِي الأَرْضِ شَيْءٌ خَيْرٌ مِنْ هَذَا، لَقَدْ أَعْلَمَنِي بِأَمْرٍ لا يَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ، قَالا: وَيْحَكَ يَا عَدَّاسُ لا يَصْرِفَنَّكَ عَنْ دِينِكَ فَإِنَّ دِينَكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ. وَرُوِّينَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكَ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ لَقِيتَ مِنْ قَوْمِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كَلالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ عَلَى وَجْهِي وَأَنَا مَهْمُومٌ، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ ذَلِكَ لَكَ فَمَا شِئْتَ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ» فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بل أرجو أن يخرج الله من

[(١)] الحائط: البستان، والجمع حيطان وحوائط. [(٢)] الحبلة: الكرم أو القضيب من الكرم، والجمع: حبل.

1 / 156