Les Yeux du Patrimoine sur les Arts des Campagnes Militaires, les Traits Physiques et les Biographies
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Maison d'édition
دار القلم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٤/١٩٩٣.
Lieu d'édition
بيروت
الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى وَما لِأَحَدٍ [١] إلى آخر السورة.
وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَأَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَالأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ خَرَجُوا لَيْلَةً لِيَسْتَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا يَسْتَمِعُ فِيهِ وَكُلٌّ لا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا، فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ فَتَلاوَمُوا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لا تَعُودُوا، فَلَوْ رَآكُمْ بَعْضُ سُفَهَائِكُمْ لأَوْقَعْتُمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا ثُمَّ انْصَرَفُوا. حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ عَادَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى مَجْلِسِهِ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا، فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لبعض مثل مَا قَالُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ أَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسَهُ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا، فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لا نَبْرَحُ حَتَّى نَتَعَاهَدَ أَنْ لا نَعُودَ، فَتَعَاهَدُوا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَفَرَّقُوا، فَلَمَّا أَصْبَحَ الأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ أَخَذَ عَصَاهُ ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ فِي بَيْتِهِ فَقَالَ: أَخْبِرْنِي يَا أَبَا حَنْظَلَةَ عَنْ رَأْيِكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ: وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ أَشْيَاءَ أَعْرِفُهَا وَأَعْرِفُ مَا يُرَادُ بِهَا، وَسَمِعْتُ أَشْيَاءَ مَا عَرَفْتُ مَعْنَاهَا وَلَا مَا يُرَادُ بِهَا، قَالَ الأَخْنَسُ: وَأَنَا وَالَّذِي حَلَفْتَ بِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَتَى أَبَا جَهْلٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَكَمِ: مَا رَأْيُكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: مَاذَا سَمِعْتُ، تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ، أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا، وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا، وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا، حَتَّى إِذَا تجاذبنا على الركب وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ، فَمَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ، وَاللَّهِ لا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا وَلا نُصَدِّقُهُ، فَقَامَ عنه الأخنس وتركه.
وذكر ابن إسحق حَدِيثَ الأرَاشِيِّ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ أَبُو جَهْلٍ الإِبِلَ وَمَطَلَهُ بِأَثْمَانِهَا، وَدَلالَةَ قُرَيْشٍ إِيَّاهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيُنْصِفَهُ مِنْ أَبِي جَهْلٍ اسْتِهْزَاءً لِمَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا قَالَ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى جَاءَهُ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: «مُحَمَّد» فَخَرَجَ إليه وما فيه وجهه من رائحة قد انتفع لَوْنُهُ فَقَالَ: «اعْطِ هَذَا حَقَّهُ» قَالَ: نَعَمْ، لا تَبْرَحْ حَتَّى أُعْطِيَهُ الَّذِي لَهُ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ فَذَكَرَ لَهُمُ الأرَاشِيُّ ذَلِكَ، فَقَالُوا لأَبِي جَهْلٍ: وَيْلَكَ، مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَنَعْتَ! قال: ويحكم والله ما هو إلا
[(١)] سورة الليل: الآية ١٧.
1 / 131