Les Yeux du Patrimoine sur les Arts des Campagnes Militaires, les Traits Physiques et les Biographies
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Maison d'édition
دار القلم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٤/١٩٩٣.
Lieu d'édition
بيروت
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا تَذَامَرُوا [١] بَيْنَهُمْ عَلَى مَنْ فِي الْقَبَائِلِ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله ﷺ الذي أَسْلَمُوا مَعَهُ، فَوَثَبَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُعَذِّبُونَهُمْ وَيَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَمَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ رَسُولَهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ قَامَ أَبُو طَالِبٍ حِينَ رَأَى قُرَيْشًا يَصْنَعُونَ مَا يَصْنَعُونَ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ فَدَعَاهُمْ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مَنْعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْقِيَامِ دُونَهُ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، وَأَقَامُوا مَعَهُ، وَأَجَابُوهُ إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَبِي لَهَبٍ.
رُوِّينَا عَنْ أَبِي بكر الشافعي، ثنا إسحق بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ الْحَرْبِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ عَبَّاد أَوْ عَيَّادٍ الدُّؤَلِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ فِي مَنَازِلِهِمْ قبل أن يهاجر إلى المدينة يقول: «يا أيها النَّاسُ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا»
قَالَ: وَوَرَاءَهُ رَجُلٌ يَقُولُ: يا أيها الناس: وإن هَذَا يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَتْرُكُوا دِينَ آبَائِكُمْ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ؟ فَقِيلَ: أَبُو لَهَبٍ. قَالَ ابن إسحق: ثُمَّ إِنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ ذَا سِنٍّ فِيهِمْ وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمُ، فَقَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ هَذَا الْمَوْسِمُ، وَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ سَتَقْدَمُ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ هَذَا، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا وَلا تَخْتَلِفُوا فَيَكْذِبُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، قَالُوا: فَأَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ فَقُلْ وَأَقِمْ لَنَا رَأْيًا نَقُولُ فِيهِ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ فَقُولُوا أَسْمَعْ، قَالُوا: نَقُولُ كَاهِنٌ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِكَاهِنٍ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْكُهَّانَ، فَمَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ [٢] الْكَاهِنِ وَلا سَجْعِهِ، قَالُوا: فَنَقُولُ: مَجْنُونٌ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ، وَلَقَدْ رَأَيْنَا الْجُنُونَ وَعَرَفْنَاهُ، فَمَا هُوَ بِحَنَقِهِ وَلا تَخَالُجِهِ وَلا وَسْوَسَتِهِ، قَالُوا: فَنَقُولُ:
شَاعِرٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِشَاعِرٍ، لقد عرفنا الشعر كله، رجزه وهجره وَقَرِيضَهُ وَمَقْبُوضَهُ وَمَبْسُوطَهُ، فَمَا هُوَ بِالشِّعْرِ، قَالُوا: فَنَقُولُ: سَاحِرٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، قَدْ رَأَيْنَا السُّحَّارَ وَسِحْرَهُمْ، فَمَا هُوَ بِنَفْثِهِ وَلَا عَقْدِهِ، قَالُوا: فَمَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ شمس؟ قال:
[(١)] أي حض بعضهم بعضا على القتال. [(٢)] يقال: زمزم: أي صوت من بعيد تصويتا له دوي غير واضح، وزمزم أي صوت صوتا متتابعا، يقال: زمزم الحصان أي طرب في صوته، وزمزم المغني أي ترنم ودندن، وزمزم المجوسي عند الأكل أو الشرب أي رطن وهو مطبق فاه، وصوت بصوت مبهم يديره في خيشومه وحلقه لا يحرك فيه لسانا ولا شفة.
1 / 119