وكَذلك: (لَئِن أَخَرتَني إِلى يَومِ القيامَة) هو التأخير بالمؤاخذة لا التأخير الحسي، فهو على خير حال: (لَولا أَخَرَتَني إِلى أَجلٍ قَريب) لأن هذا تأخير حسي في الدنيا الظاهرةس.
وكذلك: (وَقُل عَسى أَن يَهدِينِ رَبّي لأَقرَبَ مِن هَذا رَشَدًا) سياق الكلام في أمور محسوسة، والهداية فيه ملكوتيةس، وقد هداه الله في قصة الغار وهو في العدد ثاني اثنين حين خرج بدينه عن قومه بأقرب من طريق أهل الكهف حين خرجوا بدينهم عن قومهم وعددهم على ما قص الله علينا فيه. وهذه الهداية على غير حال ما قال موسى ﵇ (عَسى رَبّي أَن يَهدِيَنَي سَواءَ السَبيل) فإنها هداية السبيل المحسوسة إلى مدين في عالم الملك. يدل عليه قول الله تعالى: (وَلَما تَوَجّهَ تِلقاءَ مَديَن) .
وكذلك: (عَلى أَن تُعَلِمَنِ مِمّا عُلِمتَ رُشدا) .
وكذلك: (ألا تَتَبِعَن) هو في طريق الهداية لا في مسير موسى إلى ربه. يدلك عليه: (أَفَعَصيتَ أَمري) .
ولم يأمره بالمسير الحسي إنما أمره بخلفه في قومه ويصلح. فهذا على غير حال قول هارون: (فاتبِعوني وَأَطيعوا أَمري) وهو لا أمر له إلا الحسي.
وكذلك: (فَكيفَ كانَ نَكير) حيث وقع لأن النكير يتعين من جهة الملكوت لا من جهة أثره المحسوس، فإن أثره قد انقضى، وأخبر الله عنه
1 / 95