ومنها: إن قولهم في الخصاف والطحاوي والكرخي أنهم لا يقدرون على مخالفة إمامهم، لا في الأصول ولا في الفروع، يرده(1) النظر في أحوالهم المذكورة في طبقات الحنفية، وأقوالهم وآرائهم المأثورة في الكتب الفرعية والأصلية.
ومنها: إن عدهم أبا بكر الرازي الجصاص من الذين لا يقدرون على الاجتهاد مطلقا بعيد جدا، مع عدهم شمس الأئمة الحلواني والسرخسي والبزدوي وقاضي خان في المجتهدين في المذهبين، مع أن الرازي أقدم منهم زمانا، وأعلى منهم شأنا، وأوسع منهم علما، وأدق منهم سرا.
ومنها: إن شأن القدوري أجل من قاضي خان وصاحب ((الهداية))، إن لم يكن أجل منه فليس بأدنى منه، فجعل قاضي خان في مرتبة ثالثة، وحط القدوري وصاحب ((الهداية)) عنها ليس مما ينبغي.
وذكر أحمد بن حجر المكي الهيتمي الشافعي(2) في رسالته ((شن الغارة على من أبدى معرة تقوله في الحنا وعواره)) نقلا عن ((شرح المهذب)) للنووي(3): إن المجتهد:
إما مجتهد مستقل: ومن شروطه: فقه النفس، وسلامة الذهن، ورياضة الفكر، وصحة التصرف والاستنباط، والتيقظ، ومعرفة الأدلة وآلالتها المذكورة في الأصول وشروطها، والاقتباس منها مع الدراية، والارتياض في استعمالها، ومع الفقه والضبط لأمهات مسائله، وهذا عدم من أزمنة طويلة.
وإما منتسب: وهو أربعة أقسام:
أحدها: أن لا يقلد إمامه في المذهب، والدليل لاتصافه بصفة المستقل، وإنما ينسب إليه لسلوك طريقه في الاجتهاد.
Page 33