تعالى: ﴿أو دمًا مسفوحًا﴾ [الأنعام: ١٤٥]. ومادةِ (ن ض خ) وهي في قولهِ تعالى: ﴿عينانِ نضَّاخَتَانِ﴾ [الرحمن: ٦٦]. ومادةِ (ق د و) وهي مذكورةٌ في قولهِ تعالى: ﴿مُقتدون﴾ [الزخرف: ٢٣]، ﴿فَبِهُداهُم اقْتدِه﴾ [الأنعام: ٩٠]. إِلى غير ذلك ممَّا لستُ بصددِهِ الآنَ.
ولم أورِدْ ذلك -عَلِمَ اللهُ- غضًّا منهُ، ولا استقصارًا له؛ فإِنَّ القرآن العظيمَ مُعجِزُ كلِّ بَليغٍ. وإِنما قصدتُ التَّنبيه على ذلكَ، ومعرفةَ ما هنالك.
فلما رأيتُ الأمرَ على ما وُصفَ، والحالَ كما عُرف، ورأيتُ بعضَ المفسِّرين قد يفسِّرُ اللفظةَ بما جُعلتْ كنايةً عنهُ، كقولِهم في قولهِ تعالى: ﴿والشجرةَ الملعونةَ﴾ [الإسراء: ١٧]. هي أبو جهلٍ. أو بغايتها وقُصارَى أمرِها، وكقولهم في قوله تعالى: ﴿والباقياتُ الصالحاتُ﴾ [الكهف: ٤٦] هي كلماتُ: سبحانَ اللهِ، والحمد لله، ولا إِلهَ إَلا اللهُ، إلى غير ذلك مما ليستْ موضوعةً له لغةً. استخرتُ اللهَ القويَّ، الذي ما نَدمَ مُستخيرُهُ، واستجرْتٌ اللهَ بكرمهِ، الذي ما خابَ مستجيرُه، في أن أحذُوا حذْوَ القومِ ليتُمَّ عليَّ بركتَهم، وأُلحقَ بالحشرِ في زُمرتِهم. فأذكرُ المادةَ -كما ستَعرفُ ترتِيبَهُ- مفسِّرًا معناها. وإن عثرتُ على شاهدٍ من نظمٍ أو نثرٍ أتيتُ له تكميلًا للفائدة. وإِن كان في تصريفها بعضُ غموض أوضحته بعبارةٍ سهلة إِن شاءَ الله. وإِن ذكرَ أهلُ التفسيرِ اللفظة وفسَّروها بغيرِ موضوعِها اللغويِّ، كما قدَّمتُه، تعرَّضتُ إليهِ أيضًا، لأنه والحالةُ هذهِ محطُّ الفائدة.
ورتَّبتُ هذا الموضوعَ على حروفِ المعجمِ بترتيبها الموجودة هي عليهِ الآنَ. فأذكرُ الحرفَ الذي هو أولُ الكلمةِ، معَ ما بعدَه من حروفِ المعجم، إِلى أن ينتهي ذلك الحرف مع ما بعده، وهلمّ جرّا إِلى أن تنتهي، إِن شاءَ الله تعالى، حروف المعجم جميعُها.
ولا أعتمدُ إِلا على أصولِ الكلمةِ دونَ زوائدِها؛ فلو صُدِّرتْ بحرفٍ زائدٍ لم أعتبرْهُ، بل أعتبرُ ما بعدَه من الأصولِ مثلَ: «أنعمتَ» تطالُه من بابِ النونِ لا مِن باب الهمزةِ.
1 / 39