[النحل: ٢٦]. أي بأمرِه.
وقولُه: «أتى»، بصيغة الماضي ليخصَّ الوقوعَ، فكأنَّه قد أتى ووقعَ. وقال نِفْطويه: تقولُ: أتاكَ الأمرُ، وهو متوقَعٌ بعدُ، أي أتى أمرُ الله وعدًا فلا تستعجلوه وقوعًا. وقال ابنُ الأنباريِّ في قوله: ﴿فأتى اللهُ بنيانَهم﴾: فأتى اللهُ مكرَهُم من أجلهِ، أي عادَ ضررُ المكرِ عليهم. وهل هذا مجازٌ أو حقيقةٌ؟ والمرادُ به نمرودُ وصَرْحُه خلافٌ.
ويعبَّر بالإتيانِ عنِ الهلاكِ؛ قال تعالى: ﴿فأتاهُمُ اللهُ من حيثُ لم يُحتَسبِوا﴾ [الحشر: ٢]. ويقال: أُتِيَ فلانٌ من مَأمنهِ، أي جاءَه الهلاكُ من جهةِ أمْنه. وقولهُ: ﴿فآتَتْ أُكُلَها﴾ [البقرة: ٢٦٥]. أي أعطتْ، والمعنى: أثمرتْ ضِعْفَيْ ما يُثمرُ غيرُها من الجنان.
وقوله: ﴿وآتاهُم تَقْواهَم﴾ [محمد: ١٧]. أي أعطاهم جزءَ اتِّقائهم. وقولُه: ﴿إلى الهُدى ائْتِنَا﴾ [الأنعام: ٧١] أي بايعْنا على ملَّتنا. وقوله: ﴿بأتِ بصيرًا﴾ [يوسف: ٩٣]. أي بَعد، كقولهِ: ﴿فارتَدَّ بَصيرًا﴾ [يوسف: ٩٦].
والمِيتاءُ من قولهم: طريقٌ ميتاءٌ من ذلك، فهو مِفعال من الإِتْيان. وفي الحديث: «لولا أنه طريقٌ ميتاءٌ لحزنَّا عليكَ يا إِبراهيمُ»، أي أن الموتَ طريقٌ مسلوكٌ. وما أحسنَ هذهِ الاستعارةَ وأرشقَ هذه الإشارةَ وقال شمرٌ: ميتاءُ الطريقِ ومبدؤهُ: مَحجَّتُه. وفي الحديثِ أيضًا: «ما وجدتَ في طريقٍ ميتاءٍ فعرِّفْهُ سَنَةً». والإِتيانُ: يقالُ للمجيءِ بالذاتِ وبالأمرِ والتدبيرِ، وفي الخيرِ والشرِّ. ومن الأولِ قولُه: [من المتقارب]
1 / 55