وبعد:
فإن أحاديث الأحكام والحلال والحرام مما اهتم بها علماء الإسلام، ودونوا فيها المصنفات، الجامعة لها، الحاوية لشتاتها، وشرحوها، وأبانوا عن فقهها، كل ذلك ليسهل على النَّاس الأخذ بها، والعمل بما فيها.
وفي أول الأمر كان العلماء يروون هذه الأحاديث مع غيرها مسندة ضمن كتب شاملة، كالمسانيد، والموطآت، والمصنفات، والصحاح، والسنن وغير ذلك من دواوين السنة.
ثم كانت الرحلة التالية، وهي استخراج هذه الأحاديث الخاصة بالأحكام والحلال والحرام- من تلك الدواوين- وترتيبها، وتبويبها، وتهذيبها مع حذف أسانيدها.
ولئن كان الحافظ عبد الغني لم يسبقه- فيما أعلم- سوى عبد الحق الإِشبيلي بأحكامه الثلاثة "الكبرى"، و"الوسطى"، و"الصغرى"، إلا أنه- أعني: الحافظ عبد الغني- يعتبر أول من أرسى معالم التصنيف في هذا الباب؛ إذ عبد الحق لم يقتصر على أحاديث الأحكام، وإنما "جمع مفترفًا من حديث رسول الله ﷺ في لوازم الشرع، وأحكامه، وحلاله وحرامه، وفي ضروب من الترغيب والترهيب، وذكر الثواب والعقاب ... إلى غير ذلك" (١).
أما الحافظ فقد قصر كتابيه على أحاديث الأحكاء والحلال والحرام، فله السبق في ذلك، فضلًا عن دقة الانتقاء والاختيار، وحسن السياقة والترتيب.
_________
(١) الأحكام الصغرى (١/ ٧١).
المقدمة / 16