214

Al-'Oumda dans les mérites de la poésie et ses règles

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

Enquêteur

محمد محيي الدين عبد الحميد

Maison d'édition

دار الجيل

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

وقوله وهو عند الحاتمي فيما روى عن بعض أشياخه أفضل ابتداء صنعه شاعر من القدماء والمحدثين:
صفة الطلول بلاغة القدم ... فاجعل صفاتك لابنة الكرم
ولما سجنه الخليفة على اشتهاره بالخمر، وأخذ عليه أن لا يذكرها في شعره قال:
أعر شعرك الأطلال والمنزل القفرا ... فقد طالما أزرى به نعتك الخمرا
دعاني إلى نعت الطلول مسلط ... تضيق ذراعي أن أرد له أمرا
فسمعًا أمير المؤمنين وطاعة ... وإن كنت قد جشمتني مركبًا وعرا
فجاهر بأن وصفه الأطلال والقفر إنما هو من خشية الإمام، وإلا فهو عنده فراغ وجهل، وكان شعوبي اللسان، فما أدري ما وراء ذلك، وإن في اللسان وكثرة ولعه بالشيء لشاهدًا عدلًا لا ترد شهادته. وقد قال أبو تمام:
لسان المرء من خدم الفؤاد.
ومن عيوب هذا الباب أن يكون النسيب كثيرًا والمدح قليلًا، كما يصنع بعض أهل زماننا هذا، وسنبين وجه الحكم والصواب من هذا في باب المدح إن شاء الله تعالى.
ومن الشعراء من لا يجيد الابتداء، ولا يتكلف له، ثم يجيد باقي القصيدة وأكثرهم فعلًا لذلك البحتري: كان يصنع الابتداء سهلًا، ويأتي به عفوًا، وكلما تمادى قوي كلامه، وله من جيد الابتداء كثير؛ لكثرة شعره، والغالب عليه ما قدمت، غير أن القاضي الجرجاني فضله بجودة الاستهلال وهو الابتداء على أبي تمام وأبي الطيب، وفضلهما عليه بالخروج والخاتمة، ولست أرى لذلك وجهًا، إلا كثرة شعره كما قدمت؛ فإنه لو حاسبهما ابتداء

1 / 232