Hauteur des ambitions
علو الهمة
Genres
فقال له زهرة: "نحن خير الناس للناس، فلا نستطيع أن نكون كما تقولون، نطع الله في السفلة، ولا يضرنا من عصى الله فينا"، فانصرف عنه، وطلب "رستم" آخر، ثم إن سعدا أرسل "ربعي بن عامر" -رضي الله عنه- إلى رستم، فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت واللآلي الثمينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب صفيقة، وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه، فقالوا له: "ضع سلاحك"، فقال: "إني لم آتكم وإنما جئتكم حي دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت"، فقال رستم: "ائذنوا له"، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها، فقالوا له: "ما جاء بكم؟ "، فقال: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك، قبلنا ذلك منه، ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبي ذلك، قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله".
قال: "وما موعود الله؟ " قال: "الجنة لمن مات على قتال من أبي، والظفر لمن بقى" ..
فخلص رستم برؤساء أهل فارس، فقال: "ما ترون؟ هل رأيتم
كلاما قط أوضح ولا أعز من كلام هذا الرجل؟ "، قالوا: "معاذ الله لك أن تميل إلى شيء من هذا، وتدع دينك لهذا الكلب، أما ترى إلى ثيابه؟ "، فقال: "ويحكم ! لا تنظروا إلى الثياب، ولكن انظروا إلى الرأي، والكلام، والسيرة"، وأقبلوا يتناولون سلاحه، ويزهدونه فيه ..
ثم كان أن أبي الفرس دعوة الحق، واختاروا المناجزة، فنصر الله المسلمين، وهزموا فارس وسبوهم.
وكان "يزدجرد" ملك الفرس قد أرسل يستنجد بملك الصين، ووصف له المسلمين، فأجابه ملك الصين: "إنه يمكنني أن أبعث لك جيشا أوله في منابت الزيتون -أي: الشام- وآخره في الصين، ولكن إن كان هؤلاء القوم كما تقول؛ فإنه لا يقوم لهم أهل الأرض، فأرى لك أن تصالحهم، وتعيش في ظلهم، وظل عدلهم" (¬1).
...
Page 90