Les savants musulmans et les wahhabites
علماء المسلمين والوهابيون
للشارع في التخفيف والتشديد فإياك أن يشدد إمام مذهبك في أمر فتأمر به جميع الناس أو يخفف في أمر فتأمر به جميع الناس فإن الشريعة قد جاءت على مرتبتين لا على مرتبة واحدة كما مر في الميزان ولذلك صح لك القول بأن الله تعالى لم يكلف عباده بما يشق أبدا بل دعا صلى الله عليه وسلم على من شق على أمته بقوله اللهم من ولي من أمور أمتي شيئا فرفق بهم فارفق اللهم به ومن شق على أمتي فاشقق اللهم عليه ولم يبلغنا أنه صلى الله عليه وسلم دعا على من سهل عليهم أبدا بل كان يقول لأصحابه اتركوني ما تركتكم خوفا عليهم من كثرة تنزل الأحكام التي يسألونه عنها فيعجزون عن العمل بها فالعالم الدائر مع رفع الحرج دائر مع الأصل الذي ينتهي إليه أمر الناس في الجنة بخلاف الدائر مع الحرج فإنه دائر مع أمر عارض يزول بزوال التكليف فإن قلت فإذن من ألزم الناس بالتقيد بمذهب واحد فقد ضيق عليهم وشق عليهم فالجواب أنه ليس في ذلك مشقة في الحقيقة لأن صاحب ذلك المذهب لم يقل بإلزام الضعيف بالعزيمة بل جوز له الخروج من مذهبه إلى الرخصة التي قال بها غيره فرجع مذهب هذا الإمام إلى مرتبتي الشريعة فلا تضييق ولا مشقة على من التزم مذهبا معينا فإن لم تفهم الشريعة هكذا فما فهمت وإن لم تقرر مذاهب المجتهدين هكذا فما قررت ولا كان صح للمقلد اعتقاد أن سائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم بل كان يخالف قوله جنانه وذلك معدود من صفات النفاق وقد تقدم إنني ما وضعت هذه الميزان في هذه الطروس إلا انتصار المذاهب الأئمة ومقلديهم خلاف ما أشاعه عني بعض الحسدة من قوله إن من تأمل في هذه الميزان وجدها تحكم بتخطئة جميع المجتهدين قال لأن كل مجتهد لا يقول بقول الآخر بل يخطئه فيلزم من ذلك تخطئة كل مجتهد في تخطئته الآخر انتهى كلام هذا الحاسد فالجواب قد أجمع الناس على قولهم إن مجتهدا لا ينكر على مجتهد وإن كل واحد يلزمه العمل بما ظهر له أنه الحق وقد أرسل الليث بن سعد رضي الله عنه سؤالا كما مر إلى الإمام مالك يسأله عن مسألة فكتب إليه الإمام مالك أما بعد فإنك يا أخي إمام هدى وحكم الله تعالى في هذه المسألة هو مقام عندك انتهى وما ذلك إلا لاطلاع كل مجتهد على عين الشريعة الأولى التي يتفرع منها كل مذهب ولولا اطلاعه لكان من الواجب عليه الانكار ويحتمل أن من خطأ غيره من الأئمة إنما وقع ذلك منه قبل بلوغه مقام الكشف كما يقع فيه كثير ممن ينقل كلام الأئمة من غير ذوق فلا يفرق بين ما قاله العالم أيام بداءته وتوسطه ولا بين ما قاله أيام نهايته فتأمل في هذا الفصل فإنه ناطق بصحة هذه الميزان ومذاهب المجتهدين كلها لتقرير الشارع حكمهم باستناده إلى الاجتهاد والحمد لله رب العالمين * (فصل) * لا يلزم من تقيد كامل من الأولياء أو المجتهدين بالعمل بقول دون آخر أن يكون يرى بطلان ذلك القول الذي لم يعمل به فيحتمل أنه إنما ترك العمل به لكونه ليس من أهله سواء أكان ذلك في العزيمة أم الرخصة فإن كل كامل ومجتهد يرى استمداد سائر المذاهب من عين الشريعة سواء المذاهب المستعملة والمندرسة فكل قول لا يعمل به لعدم أهليته له فهو في حقه كالحديث المنسوخ وفي حق غيره كالحديث المحكم وأما غير الكامل من المقلدين فحكمه حكم من كان متعبدا بشريعة عيسى التي لم تبدل مثلا ثم نسخت بشريعة
Page 36