170

Le provision des patients et le trésor des reconnaissants

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

Chercheur

إسماعيل بن غازي مرحبا

Maison d'édition

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Numéro d'édition

الرابعة

Année de publication

1440 AH

Lieu d'édition

الرياض وبيروت

Genres

Soufisme
لأخيه كفلٌ من ذنب كل قاتل ظلمًا إلى يوم القيامة (^١)، وقد قال تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [النحل: ٢٥]، وقال: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [العنكبوت: ١٣]. فإن قيل: فكيف التوبة من هذا المتولد وليس من فعله، والإنسان إنما يتوب عما يتعلق باختياره؟ قيل: التوبة منه بالندم عليه، وعدم إجابة دواعيه وموجباته، وحبس النفس عن ذلك، فإن كان المتولد متعلقًا بالغير فتوبته مع ذلك برفعه عن الغير بحسب الإمكان، ولهذا كان من توبة الداعي إلى البدعة أن يبيّن أن ما كان يدعو إليه بدعة وضلالة، وأن الهدى في ضدّه؛ كما شرط تعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ما أنزل اللَّه من البينات والهدى ليضلوا الناس بذلك: أن يصلحوا العمل في نفوسهم، ويبيّنوا للناس ما كانوا يكتمونهم إياه، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠)﴾ [البقرة: ١٥٩، ١٦٠]. وهذا كما شُرط في توبة المنافقين الذين كان ذنبهم إفسادَ قلوب ضعفاء المؤمنين، وتحيزَهم واعتصامَهم باليهود والمشركين أعداء

(^١) يدل لذلك حديث عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه ﷺ: "لا تُقتل نفسٌ ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ من دمها؛ لأنه أول من سن القتل". أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٣٣٣٥)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٦٧٧).

1 / 123