والبصير الموفق يغير نظره من الأوائل إلى الأواخر، ومن المبادئ إلى العواقب، وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء، واللَّه ذو الفضل العظيم.
العشرون: أن لا يغترّ باعتقاده أن مجرد العلم بما ذكرنا كافٍ في حصول المقصود، بل لا بد أن يضيف إليه بذل الجهد في استعماله واستفراغ الوسع والطاقة فيه. وملاك ذلك الخروج عن العوائد فإنها أعداء الكمال والفلاح، فلا أفلح من استمرّ على عوائده أبدًا. ويستعين على الخروج عن العوائد بالهرب عن مظان الفتنة والبعد منها، قال النبي ﷺ: "من سمع بالدجال فلينأَ عنه" (^١)، فما استعين على التخلص من الشر بمثل البعد عن أسبابه ومظانّه.
وهاهنا لطيفة للشيطان لا يتخلص منها إلا حاذق، وهي: أن يظهر له في مظان الشر بعض (^٢) شيء من الخير، ويدعوه إلى تحصيله، فإذا قرب منه ألقاه في الشبكة، واللَّه المستعان (^٣).