فتُعطى المعية حقها من التوفية؛ كما قال تعالى عن خليله ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧)﴾ [النجم: ٣٧]؛ أي: وفّى ما أُمرَ به بصبره مع اللَّه على أوامره.
وأما قوله: "والصبر عن اللَّه جفاء" فلا جفاء أعظم ممن صبر عن معبوده وإلهه ومولاه الذي لا مولى له سواه، ولا حياة له ولا صلاح ولا نعيم إلا بمحبته والقرب منه وإيثار مرضاته على كل شيء، فأي جفاء أعظم من الصبر عنه.
وهذا معنى قول من قال: "الصبر على ضربين: صبر العابدين، وصبر المحبين؛ فصبر العابدين أحسنه أن يكون محفوظًا، وصبر المحبين أحسنه أن يكون مرفوضًا" (^١) كما قيل:
تبيَّنَ يومَ البَينِ أن اعتزامَه ... على الصبر من إحدى الظُّنونِ الكَواذِبِ (^٢)
وقال الآخر:
ولما دَعوتُ الصَّبْرَ بعدكَ والبُكا ... أجابَ البُكا طَوْعًا ولم يُجِب الصَّبْرُ (^٣)
قالوا: ويدل عليه أن يعقوب صلوات اللَّه وسلامه عليه قال: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ [يوسف: ١٨، ٨٣] ورسول اللَّه إذا وعد وفي، ثم حمله