فيها أنه لا يمكنه الصبر إلا به.
وذلك يتضمن أمرين: الاستعانة، والمعية الخاصة التي تدل عليها باء المصاحبة، كقوله: "فبي يسمع، وبي يُبصر، وبي يبطِش، وبي يمشي" (^١)، وليس المراد بهذه الباء مجرد الاستعانة، فإن هذا أمر مشترك بين المطيع والعاصي، فإن ما لا يكون باللَّه لا يكون، بل هي باء المصاحبة. والمعيَّةُ التي صرح بمضمونها في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦)﴾ [الأنفال: ٤٦] المعيةُ الحاصلةُ لعبدِه الذي تقرّب إليه بالنوافل حتى صار محبوبًا له، فيه يسمع وبه يبصر، وكذلك به يصبر، فلا يتحرك ولا يسكن ولا يدرك إلا واللَّه معه، ومتى كان كذلك أمكنه الصبر له وتحمل الأثقال لأجله؛ كما في الأثر الإلهي: "بعيني ما يتحمَّلُ المتحمّلون من أجلي" (^٢).