Le provision des patients et le trésor des reconnaissants

Ibn Qayyim al-Jawziyya d. 751 AH
109

Le provision des patients et le trésor des reconnaissants

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

Chercheur

إسماعيل بن غازي مرحبا

Maison d'édition

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

Numéro d'édition

الرابعة

Année de publication

1440 AH

Lieu d'édition

الرياض وبيروت

Genres

Soufisme
أي: لا تكن مثله في ندائه وهو ممتلئ غيظًا وهمًّا وغمًّا، بل يكون نداؤك نداءَ راضٍ بما قضي عليه، قد تلقَّاه بالرضا والتسليم وسعة الصدر، لا نداء كظيم؟. قيل: هذا المعنى وإن كان صحيحًا، فلم يقع النهي عن التشبه به في مجرده، وإنما نهي عن التشبه به في الحال التي حملته على ذهابه مُغاضبًا حتى سُجنَ في بطن الحوت، ويدل عليه قوله: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ﴾ [القلم: ٤٨] ثم قَال ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ [القلم: ٤٨] أي في ضَعف صبره لحكم ربه، فإن الحالة التي نهي عنها هي ضد الحالة التي أمر بها. فإن قيل: فما منعك أن تَصير إلى أنه أُمر بالصبر لحكمه الكوني القدري الذي يقدّره عليه، ولا يكن كصاحب الحوت حيثُ لم يصبر عليه بل نادى وهو كظيم لكشفه، فلم يصبر على احتماله والسكون تحته؟ قيل: منع من ذلك أن اللَّه سبحانه أثنى على يونس وغيره من أنبيائه بسؤالهم إياه كشف ما بهم من الضرّ، وقد أثنى عليه سبحانه بذلك في قوله: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)﴾ [الأنبياء: ٨٧، ٨٨] فكيف يَنهى عن التشبه به فيما يُثني عليه ويمدحه به؟! وكذلك أثنى على أيوب بقوله: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣)﴾ [الأنبياء: ٨٣]، وعلى يعقوب بقوله: ﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٦]، وعلى موسى بقوله: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤)﴾ [القصص: ٢٤]، وقد شكا إليه خاتم أنبيائه ورسله

1 / 62