وأما أصول الفقه فهو: عبارة عما تبنى عليه مسائل الفقه، وتعلم أحكامها به؛ لأن أصل الشيء ما تعلق به وعرف منه، إما باستخراج أو تنبيه١. فسميت هذه الأصول بهذا الاسم؛ لأن بها يتوصل إلى العلم بغيرها، فتكون أصلا له، فلا يجوز أن يقال: إن [الكلام في] أصول الفقه هو: الكلام في أدلة الفقه؛ لأن من ذكر الدلالة على إثبات صيغة العموم لا يقال: إنه ذكر دليلًا في الفقه، وإنما أدلة الفقه: عبارة عن استعمال ألفاظ العموم وطرق الاجتهاد. والكلام في أصول الفقه ما يدل على إثبات مقتضى هذه الأشياء وموجبها وصحتها وفسادها، ولا يجوز أن تعلم هذه الأصول قبل النظر في الفروع؛ لأن من لم يعتد طرق الفروع والتصرف فيها، لا يمكنه الوقوف على ما يبتغي بهذه الأصول من الاستدلال والتصرف في وجوه القياس والمواضع التي يقصد بالكلام إليها، ولهذا يوجد أكثر من ينفرد بعلم الكلام دون الفروع مقصرًا في هذا الباب، وإن كان يعرف طرق هذه الأصول وأدلتها٢.