وأما قولُه: ويحتمل أن يريد به ابتداء الدخول، فهو غيرُ صحيح، مع التصريح في رواية البخاري أنه ﷺ كان إذا أرادَ دخولَ الخلاء، قال -والله أعلم-.
وفي هذا الحديث دليلٌ: على مراقبة رسول الله ﷺ لربه، ومحافظتِه على ضبط أوقاتِه وحالاتِه، واستعاذتِه عندما ينبغي أَنْ يُستعاذَ منه، ونطقِه بما ينبغي أَنْ ينطقَ به، وسكوته عندما ينبغي أَنْ يسكتَ عنده، وقد كان ﷺ إذا خرج من الخلاء قال: " غُفْرَانَكَ" (١)؛ أيْ: أسألك غفرانَك على حالةٍ شَغَلَتْني عن ذكرِك.
وفيه: شرعيَّةُ هذا الذكر عند إرادة دخول الخلاء، وهو متَّفق عليه.
وفيه: ما كان عليه أصحاب النبي ﷺ من ضبط أموره ﷺ، وأحواله، وأقواله، وأفعاله، وأذكاره، وغير ذلك ﵃ أجمعين.
* * *
الحديث الثّاني
عن أبي أَيُّوبَ الأنصاري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ "إذَا أتيْتُمُ الْغَائِطَ، فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ، وَلَا تَسْتدبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غرِّبوُا" قال أبو أيوب: فَقَدِمْنا الشَّام، فوجدنا مراحيضَ قد بُنيت نحوَ الكعبة، فننحرفُ عنها، ونستغفرُ الله تعالى (٢).
الغائطُ: الموضعُ (٣) المُطْمَئِنُّ من الأرض، كانوا ينتابونه للحاجة، فكنَّوا به