160

Criminal Acts in Islamic Jurisprudence: A Comparative Study Between Islamic Jurisprudence and Law

الجنايات في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون

Maison d'édition

دار الكتاب الجامعي

Édition

الثانية

Genres

الدم بعد ذلك، وقد استدلوا على ذلك بالكتاب والسنة والإجماع والاستحسان:
أما الكتاب فقد قال تعالى: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ وقال: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ ١.
وقال: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ ٢.
وكل هذه الآيات تفيد أن للمجني عليه أن يعفو عن الجاني، وإذا ثبت ذلك له وجب أن يكون للعفو أثره، وأثره هو سقوط القصاص، ولا شيء لولي الدم بعد ذلك.
وأما السنة فقد روي عن قتادة أن عروة بن مسعود الثقفي دعا قومه إلى الله ورسوله، فرماه رجل منهم بسهم، فمات، فعفا عنه، فدفع ذلك إلى رسول الله ﷺ فأجاز عفوه، وقال: "هو كصاحب ياسين" ٣.
وعن عمران بن ظبيان عن عدي بن ثابت قال رجل من أصحاب رسول الله ﷺ: سمعت النبي ﷺ يقول: "من تصدق بدم فما دونه كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق به"، فقد دل الحديثان على جواز عفو المجني عليه دلالة ظاهرة.
وقالوا أيضا: إنه قد أجاز ذلك ابن عمر والصحابة متوافرون، ولم يعرف له مخالف.

١ سورة الشورى الآية رقم ٤٠.
٢ سورة النحل الآية رقم ١٢٦.
٣ هو حبيب النجار، فإنه حينما دعا قومه إلى الإيمان بالله تعالى رجموه بالحجارة، وفيه قال الله تعالى: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى﴾ الآية ٢٠ من سورة يس.

1 / 165