Copernic, Darwin, Freud : révolutions dans l'histoire et la philosophie des sciences

Ahmad Shakl d. 1450 AH
107

Copernic, Darwin, Freud : révolutions dans l'histoire et la philosophie des sciences

كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم

Genres

النقد العلمي للحياة «يعترف أن كل تفسيراتنا للحقيقة الطبيعية تقريبا ناقصة ورمزية، وتوجه المتعلم الباحث عن الحقيقة نحو الأشياء وليس الكلمات.» (هكسلي، «مقالات في العلوم والثقافة ومقالات أخرى» (1888)، 15)

لنبدأ بتاريخ ما قبل الداروينية. سنتناول خليط التخمينات النظرية عن الحياة العضوية وظهور البيانات التجريبية التي خلقت الفضاء المفاهيمي الذي وجدت فيه نظرية التطور لداروين بيئة ملائمة. وسرعان ما قلصت نظرية داروين نفوذ النظريات المنافسة ورسخت نفسها في نهاية المطاف بوصفها النظرية السائدة. (2-1) الغائية

إذا كانت الثورة العلمية - بمعناها البسيط - إعادة ترتيب للشبكات المفاهيمية، إذن كانت الداروينية ثورة حقيقية في العلوم؛ فقد غيرت الداروينية نظرتنا للحياة العضوية، ويتعلق أبرز تغيير بزوال التفكير الغائي. يتضح ذلك جليا في الازدواجية التفسيرية لكانط. يطبق كانط معايير مختلفة في شرح الطبيعة العضوية وغير العضوية. في كتاب «نظرية السماء» (1755) يقدم كانط نظرية ميكانيكية بحتة لأصل وتطور العالم غير العضوي. وأوضح تاريخه الكوني ظهور النظام من الفوضى الأصلية من خلال تطبيق أسباب ميكانيكية بحتة. يوجد في أعمال كانط توقع مبكر للغاية لنظرية الانفجار العظيم. في البداية توجد حالة من الفوضى، وفي الوقت الحاضر يوجد نظام. والنظام الأكثر وضوحا هو نظام الأنظمة الكوكبية، ولكن الأنظمة الكوكبية تتجمع داخل مجرات، وتتجمع المجرات في عناقيد. كان كانط من أوائل من خمنوا أن نقاط الضوء في السماء ليلا تمثل في الواقع مجرات أخرى في الكون مشكلة بطرق مشابهة لمجرتنا درب التبانة. كيف ينشأ هذا النظام؟ لم يحتج كانط إلا لقوانين نيوتن لتفسير النظام الكوني. يكمن جمال فرضية كانط الكونية في أنها تصور الكون كله بمنزلة شبكة واسعة من النظم والنظم الفرعية، كلها تخضع للانتظام النيوتوني. ويؤكد كانط على أنه يمكن تفسير نشأة النظام الكوني اليوم من الفوضى الأصلية عن طريق اللجوء إلى القوانين «الميكانيكية» وحدها؛ فالتطور الكوني، كما صوره كانط، يفتقر إلى الهدف، والقوانين الميكانيكية لا تسعى لأي هدف. وينكر كانط فرضية الأهداف النهائية في تفسير التاريخ الكوني؛ فالطبيعة غير العضوية لا تسير وفق أي تصميم سابق الوجود.

ولكن الطبيعة العضوية مختلفة على نحو مذهل. يرى كانط أن الطبيعة العضوية لا يمكن تفسيرها من دون تصور وجود تصميم. يأتي التصميم مصحوبا بهدف، وتصمم الأداة للقيام بهدف معين. وعلى نحو مشابه، لا يمكن تفسير الطبيعة العضوية دون تصميم؛ فاستخدام الأهداف الميكانيكية وحدها لتفسير نبات أو حشرة سيفشل في مرحلة مبكرة؛ فلتفسير الطبيعة العضوية نحتاج إلى أهداف نهائية. توقع كانط في 1755 أنه من المرجح أن التفسير الميكانيكي لتشكيل «جميع» الكواكب ومداراتها وأصل البنية الكونية سيكتشف قبل «أن يمكن تفسير عشبة أو يرقة واحدة ميكانيكيا» (كانط 1755، تمهيد، 237). يستبعد تفسير كانط التطوري للتاريخ الكوني تطور الأنواع. وبعد 104 أعوام بالضبط، قدم داروين آلية لتفسير أصل العشب واليرقات وغيرها من الكائنات. لم يدع كانط أن الهدف قابل للرصد في الطبيعة، ولكن الوصف الميكانيكي وحده لبنية طائر - مثلا - من شأنه أن يترك انطباعا بالصدفة البحتة. لا تستطيع الصدفة البحتة تفسير تعقيد العالم العضوي. ومن أجل تجنب التفسيرات من خلال الآليات العمياء، يجب أن يحدد الهدف في الطبيعة كمبدأ تنظيمي. هذه هي فرضية الغائية (كانط 1790). فيجب أن تفسر الآليات القابلة للرصد «كما لو» أنها كانت تعمل وفقا لمخطط خفي (تصميم)، الهدف من هذا المخطط هو السماح بوجود تفسير معقول للنظام المعقد للكائنات الحية. يشير كانط إلى أن الآليات العمياء ليست كافية لتفسير طريقة بناء الكائنات العضوية؛ فعند دراسة مخلوق عضوي ما، من الممكن دائما أن نسأل: لماذا يوجد في هذا المكان؟ ما وظيفته؟ والتفسيرات الميكانيكية لا تقدم إجابة شافية. ثمة حاجة إلى الأهداف النهائية لتكملة التفسيرات الميكانيكية، وثمة حاجة أيضا إلى هذه الأهداف النهائية لفهم الوجود الإنساني والأخلاقيات. لقد رأى البشر، قبل كانط وبعده، أنفسهم بمنزلة الهدف النهائي على الأرض.

كانت الازدواجية التفسيرية لكانط مفهومة في ذلك الوقت. فبحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت العلوم الفيزيائية قد قضت على التفكير الغائي، وقدم كانط نفسه تفسيرا ميكانيكيا لتطور الكون، ولكن كان من الصعب أن نرى - كما توضح ازدواجية كانط التفسيرية - كيف يمكن لدراسة العالم العضوي أن تتخلى عن الهدف والتصميم.

في وقت وفاة كانط (1804)، كان علم الأحياء أقل تطورا بكثير من علم الفلك والفيزياء؛ فكان يفتقر إلى القوانين الأساسية والمشاهدات الدقيقة، كما كان يفتقر إلى البنية المؤكدة. بدا واضحا لعلماء الفلك الإغريق على نحو بدهي أن الأرض ثابتة والكواكب تدور حول موقعها المركزي. وكان واضحا لعلماء الأحياء في القرن الثامن عشر على نحو بدهي أن تعقيدات العالم العضوي كانت تكشف عن وجود نظام مبني على هدف وتصميم. وقبل داروين عكست عدة مخططات هذا الاعتقاد بالطبيعة التي تتضمن وجود هدف. سوف نتناول قريبا «سلسلة الوجود العظمى» ونظريات لامارك التطورية، لكن يجب أن ندرك أن ثورة داروين لم تمح كل المعتقدات القديمة بشأن الطبيعة العضوية؛ إذ اتضح أن الغائية فرضية عنيدة؛ فقد عادت في ثمانينيات القرن التاسع عشر، ومرة أخرى في تسعينيات القرن العشرين تحت مسمى «التصميم الذكي ». ويرجع انبعاث سيناريوهات التصميم كليا إلى الضعف المتصور لآلية الانتقاء الطبيعي لداروين. حتى بعض أشد مؤيدي داروين تشبث بقشة الغائية. لم يكن داروين ليتمنى مؤيدا أكثر حماسا من أوجست وايزمان (1834-1914). توصل وايزمان إلى اكتشاف هائل؛ وهو أن الخلايا «الجنسية» فقط هي التي تنقل المعلومات الوراثية. وأوضح وايزمان - ضد رأي لامارك بشأن انتقال السمات المكتسبة - أن الخلايا «الجسدية» لا يمكن أن تنقل السمات من الآباء إلى الأبناء. وأوضح ألفريد والاس هذه النقطة:

لم يزعم قط (...) أن أطفال الآباء البكم يواجهون أي صعوبة غير عادية في تعلم الكلام، كما كان ينبغي أن يحدث لو كانت آثار عدم استخدام أعضاء التحدث لدى الآباء تورث. (نيتشر 48، 1893، 267)

مع ذلك، وجد وايزمان صعوبة في التخلي عن النظريات الغائية، تماما مثل والاس. في شرحه الدارويني للنظرية الميكانيكية للطبيعة، يسأل: «ولكن كيف يمكن أن نقر بمبدأ غائي دون التخلي عن مفهوم ميكانيكي بحت للطبيعة؟» والجواب الكانطي الجوهري هو: من خلال افتراض «غائية جوهرية للكون». إن وايزمان - العالم - يعتنق مفهوما ميكانيكيا للطبيعة، أما وايزامن - الفيلسوف - فمرعوب من المادية الصرفة، ولذلك يحاول جمع مفهوم ميكانيكي مع مفهوم غائي للكون. وعلى غرار كثير من معاصريه، كان وايزمان يخشى أن التخلي عن الغائية سيؤدي إلى فقدان الثقافة والروحانية (وايزمان 1882، 710-718). في نظر معارضي داروين، كان لنظرية التطور نتيجة فلسفية غير مرحب بها، وهي المادية. كانت نظرية التطور أكثر من مجرد أطروحة علمية أخرى؛ فقد هددت القناعات الفلسفية الراسخة. لم يتغير الدافع وراء السعي لإيجاد هدف وتصميم في الطبيعة منذ عصر وايزمان؛ فكما سنرى، لا يزال التعقد الشديد للنظم والوظائف البيولوجية يجعل المعارضين المعاصرين لنظرية التطور يخلصون إلى وجود تصميم ذكي. ومن أجل التعرف على هذا التفكير، لنستعرض أولا بعض وجهات النظر الغائية النموذجية للحياة العضوية في بداية القرن التاسع عشر. (أ) سلسلة الوجود العظمى (...) لا يمكننا أن نفهم كيف أن سمك السلمون المرقط في شمال جبال الألب يمكن أن ينتمي إلى نفس الأصل مثل أسماك السلمون المرقط في جنوب جبال الألب، رغم أن النوعين مفصولان على الدوام بجبال لا يمكن تخطيها (...). (فوكت، «محاضرات حول البشرية» (1864)، المحاضرة الثامنة، 216)

ثمة فكرة تمثيلية لبنية الطبيعة العضوية تسمى «سلسلة الوجود العظمى»، تعود هذه الفكرة إلى زمن الإغريق (لوفجوي 1936). كان العالم الطبيعي يصور في صورة سلم تتراص على درجاته جميع أشكال الكائنات من ألمع الملائكة الناصعة إلى الدودة الوضيعة بترتيب تنازلي. جسد الإله في أعلى شكل من أشكال الكمال، واحتل كل مخلوق درجة على هذا السلم الهرمي. استخدم شكسبير هذا التدرج في مسرحياته التاريخية (تيليارد 1943). وبما أن البشر يمتلكون غرائز وأحاسيس جسدية وقدرات التفكير النظري، فإنهم يحتلون منزلة وسطا بين عالم الحيوان (الذي تحكمه الغرائز) وعالم الملائكة (الذي يحكمه العقل الخالص). كان ينظر إلى السلسلة بأكملها على أنها «سلم متدرج للكمال». كانت السلسلة تامة ومستمرة ومتناغمة، ولا توجد بها صدوع أو ثغرات. وثمة عدد من السمات البارزة لهذه السلسلة:

لا تسمح بالتحولات التطورية؛ بل على العكس من ذلك تؤكد سلسلة الوجود في صورتها النقية على ثبات الأنواع. إن التدريج ثابت، وكل نوع - بما في ذلك البشر - موضوع في درجته الخاصة من السلم. لا يوجد مجال للتحدر مع التعديل.

Page inconnue