المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين

Mohammed Ben Farid Zarouih d. Unknown
49

المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين

المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين

Maison d'édition

تكوين للدراسات والأبحاث

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٤١ هـ - ٢٠٢٠ م

Genres

المطلب الثَّالث حالُ السَّلف مع مُشكلاتِ النُّصوص الشَّرعيَّة فعلى ذاك الحالِ من السُّؤال المَشروعِ كان أصحابُ النَّبي ﵃، فإنَّهم مع ما أوتوه مِن عَقلِ رجيحٍ، ولسانٍ فصيح، كانوا يَستشكلون على النَّبي ﷺ ما التَبَس عليهم فهمُه مِمَّا أوحِي إليه. مِن مُثُل ذلك: ما ذَكَره عنهم ابنُ مسعود ﵁ مَرَّةً، لمَّا نَزَلَت آية: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: ٨٢]، أنَّهم سألوا رسولَ الله ﷺ، فقالوا: أيُّنا لم يلبِس إيمانَه بظلمٍ! فقالَ رسول الله ﷺ: «إنَّه ليس بذاك، ألَا تسمَع إلى قولِ لقمان لابنِه: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣]» (^١) وليس يخفى حرصُ أمِّ المؤمنين عائشةَ على سؤالِ زوجِها ﷺ عمَّا أشكلَ عنها من نصوصِ الشَّرع، حتَّى أنَّها حين سمِعَته يقول: «مَن نُوقِشَ الحسابَ عُذِّب»، لم تَهَب سؤالَه والمَقامُ مَقامُ خشوعٍ وتذكيرٍ بالآخرة، فقالت: يا رسولَ الله، جَعَلَني الله فداءَك، أليس يقول الله ﷿: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ [الانشقاق: ٧ - ٨]؟! فأجاب عن استشكالِها بقولِه: «ليس ذاك الحساب، إنَّما ذاك العَرض، مَن نوقِش الحساب يومَ القيامةِ عُذِّب» (^٢).

(^١) أخرج البخاري في (ك: التفسير، باب ﴿لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾، رقم: ٤٧٧٦). (^٢) أخرجه البخاري في (ك: الرقاق، باب: من نوقش الحساب عذب، رقم: ٦٥٣٦)، ومسلم في (ك: صفة يوم القيامة، باب: إثبات الحساب، رقم: ٢٨٧٦).

1 / 57