الوجازة في الأثبات والإجازة
الوجازة في الأثبات والإجازة
Maison d'édition
دار قرطبة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٨ هـ
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
«تَوَسَّعَ مَنْ تَوَسَّعَ في السَّماعِ عَنْ بَعْضِ مُحَدِّثِي زَمَانِنَا هَذَا الَّذِيْنَ لا يَحْفَظُوْنَ حَدِيْثَهُم، ولا يُحْسِنُوْنَ قِرَاءتَه مِنْ كُتُبِهِم، ولا يَعْرِفُوْنَ مَا يُقْرَأ عَلَيْهِم بَعْدَ أنْ تَكُوْنَ القِرَاءةُ عَلَيِهِم مِنْ أصْلِ سَماعِهِم.
وهُوَ أنَّ الأحَادِيْثَ الَّتِي قَدْ صَحَّتْ - أو وَقَعَتْ بَيْنَ الصِّحَّةِ والسَّقَمِ ـ، قَدْ دُوِّنَتْ وكُتِبَتْ في الجَوَامِعِ الَّتي جَمَعَها أهْلُ العِلْمِ بالحَدِيْثِ، ولا يَجُوْزُ أنْ يَذْهَبَ شَيءٌ مِنْها عَلى جَمِيْعِهِم، وإنْ جَازَ أنْ تَذْهَبَ عَلى بَعْضِهِم؛ لضَمانِ صَاحِبِ الشَّرِيْعَةِ حِفْظَها، فَمَنْ جَاءَ اليَوْمَ بحَدِيْثٍ لا يُوْجَدُ عِنْدَ جَمِيْعِهِم لم يُقْبَلْ مِنْه، ومَنْ جَاء بحَدِيْثٍ هُوَ مَعْرُوْفٌ عِنْدَهُم، فالَّذِي يَرْوِيْهِ اليَوْمَ لا يَنْفَرِدُ برِوَايَتِه، والحُجَّةُ قَائِمَةٌ بحَدِيْثِه برِوَايَةِ غَيْرِه، والقَصْدُ مِنَ رِوَايَتِه السَّماعُ مِنْه: أن يَصِيْرَ الحَدِيْثُ مُسَلْسَلًا بـ «حَدَّثَنا»، أو بـ «أخْبَرنَا»، وتَبْقَى هَذِه الكَرَامَةُ الَّتِي اخْتُصَّتْ بِها هَذِه الأمَّةُ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ، شَرَفًا لنَبِيِّنَا ﷺ كَثِيْرًا».
ومَا أجْمَلَ مَا ذَكَرَهُ ابنُ الصَّلاحِ ﵀ فِيْما نَحْنُ بصَدَدِه؛ حَيْثُ فَصَّل ورَتَّبَ، ولم يَتْرُكْ لمُعَارِضٍ جَنْبًا يَتَّكئ عَلَيْه، وذَلِكَ بقَوْلِه: «أعْرَضَ النَّاسُ في هَذِه الأعْصَارِ المُتأخِّرَةِ عَنِ اعْتِبَارِ مَجْمُوْعِ مَا بَيَّنَّا مِنَ الشُّرُوْطِ في رِوَاةِ الحَدِيْثِ ومَشَايِخِه، فَلَمْ يَتَقَيَّدُوا بِها في رِوَايَاتِهِم، لتَعَذُّرِ الوَفَاءِ بِذَلِكَ عَلى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، وكَانَ عَلَيْه مَنْ تَقَدَّمَ.
1 / 44