130

مفهوم الأسماء والصفات

مفهوم الأسماء والصفات

Maison d'édition

مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Genres

(هو) ليس اسمًا من أسماء الله الحسنى: من الذين قالوا أن (هو) اسم من أسماء الله الحسنى أبو القاسم عبد الكريم القشيري ١في كتابه (شرح أسماء الله الحسنى) ٢. وكأن نص ما قاله ما يأتي: أعلم أن (هو) اسم موضوع للإشارة، وهو عند الصوفية إخبار عند نهاية التحقيق، وهو يحتاج عند أهل الظاهر٣ إلى صلة تعينه ليكون الكلام مفيدًا، لأنك إذا قلت: هو ثم سكتَّ، فلا يكون الكلام مفيدًا حتى تقول: هو قائم أو قاعد، أو هو حي أو هو ميت وما أشبه ذلك. فأما عند القوم٤فإذا قلت هو، فلا يسبق إلى قلوبهم غي ذكر الحق فيكتفون عن كل بيأن يتلونه لاستهلاكهم في حقائق القرب باستيلاء ذكر الله على أسرارهم وأنمحائهم عن شواهدهم فضلًا عن إحساسهم بمن سواه٥، وكأن الإمام أبو بكر بن فروك ﵁ يقول: هو حرفأن هاء وواو فالهاء تخرج من آخر الحلق وهو آخر المخارج والواو تخرج من الشفة وهو اول المخارج، فكأنه يشير إلى ابتداء كل حادث منه وأنتهاء كل حادث إليه وليس له ابتداء ولا أنتهاء، وهو معنى قوله سبحأنه (هو الأول والآخر)،فقوله: (هو الأول): إخبار عن قدمه، وقوله (الآخر) إخبار عن استحالة عدمه".٦

١ هو أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري الملقب بجمال الدين. إمام التصوف في عصره المولود عام ٣٧٦هـ والمتوفى عام ٤٦٥هـ. ٢ حققه وشرحه الأستاذ عبد المنعم عبد السلام الحلواني. ٣ أقول يشير القشيري بقوله: أهل الظاهر: إلى عقيدة أهل التصوف الذين يقولون إن الإسلام له وجهان: وجه ظاهر، ووجه باطن: فالوجه الظاهر هو النصوص ويسمونه الشريعة، ويسمون الذين يتمسكون بالنصوص أهل الظاهر وأهل الشريعة، والوجه الباطن هو المعاني البعيدة الخفية للنصوص التي لا يعلمها أهل الظاهر، ويسمون هذا الباطن الحقيقة، ويسمون الذين يعرفونها أهل الحقيقة وهم في نظرهم الصوفية وهذا كلام باطل لأن الإسلام ليس له ظاهر وباطن، بل إن ظاهره كباطنه، يشير إلى هذا قول الرسول الله ﷺ: "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك". ٤ أقول: يقصد بالقوم: الصوفية. ٥ أقول: يقصد أنهم يغيبون عن عالم الشهادة، وهذه هي عقيدة الفناء في الله، وهي من عقائد الصوفية الخبيثة الباطلة. ٦ أقول: هذا كلام خبط لا سند له، فكم من الكلمات أولها يخرج من أقصى الحلق وآخرها يخرج من الشفتين ولا يشير إلى ابتداء ولا انتهاء مثل (هُبْ)، و(هُفْ) وما شكل ذلك، فليس لمخارج الكلمات مُعَوَّل في المعنى، إضافة إلى ذلك فإن كلمة (هو) إنما هي ضمير يدل على الغائب، وليس اسمًا، فضلًا عن أن يكون اسمًا لله تعالى - ويجب أن يعلم أن أسماء الله تعالى توقيفية يوقف فيها عندما ورد النص به ولا مجال للاجتهاد فيها - ولم يرد نص في الكتاب والسنة على أن (هو) اسم من أسماء الله تعالى، وإنما ذلك من تلبيسات إبليس الني أوحى بها إلى أعوانه فيما سول لهم وأملى لهم.

58 / 116