Commentary on Gabriel's Hadith on Teaching Religion
شرح حديث جبريل في تعليم الدين
Maison d'édition
مطبعة سفير،الرياض
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
Lieu d'édition
المملكة العربية السعودية
Genres
والبعثُ يوم القيامة يكون بإعادة الأجساد التي كانت في الدنيا لتلقى مع الأرواح الثواب والعقاب، وليس لأجساد جديدة لم تكن موجودةً في الدنيا، وهذا هو الذي استبعده الكفَّارُ وأنكروه، قال الله ﷿: ﴿بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ﴾، فبيَّن سبحانه أنَّه عالِم بكلِّ ذَرَّة من ذرَّات أجسادهم التي تنقصها الأرض منهم، فيُعيدُها كما كانت فيبعث ذلك الميت بجسده الذي كان عليه في الدنيا، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، والمعنى كما ذكر ابن كثير عن جماعة من السلف أنَّ إبراهيم ﵊ قطع الطيورَ الأربعة وخلط لحومَها، وجعل على كلِّ رأس جبل منها قطعة، ثم دعاهنَّ فتجمَّعت أجزاءُ كلِّ طائر، حتى عادت الطيورُ على ما كانت عليه، وأتت إليه سعيًا.
وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، وهذه الآياتُ تدلُّ على أنَّ الأجسادَ التي في الدنيا هي التي أُعيدَت وشهدت الأسماعُ والأبصارُ والجلودُ بالمعاصي التي عملها أصحابُها.
1 / 46