أما الدليل على ثبوتها فيهم دون من سواهم، فأدلة كثيرة نقتصر منها على الآية قوله تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس}[الحج:78]، ووجه الإستدلال بهذه الآية أن هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، فإذا تقرر وجوب الجهاد في الله تعالى حق جهاده، ولا يكون ذلك إلا بتجييش الجيوش، وحفظ البيضة، ونكاية العدو، وفتح بلاده، وتذليل أجناده، وانفاذ الأحكام بالقتل والسبي والقطع والجلد، وهذا لا يكون بالإجماع من الأمة إلا للأئمة عليهم السلام، إذ لا يجوز لآحاد الناس بإجماع الأمة كما قدمنا.
فإن قيل: ومن أين أن المراد بالآية من ذكرتم من ذرية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؟
قلنا: الآية فيها ذكر ولد ابراهيم، ولا أحد ذكرها دليلا على غير العترة الطيبة من ولد الحسن والحسين عليهم السلام، فلو صرفها بعض القائلين إلى قريش أو بعض ولد علي عليه السلام لكان قد قال بقول خارج عن قول الأمة، وذلك لا يجوز.
وإن قيل: الأمر في لفظ الآية لجماعة ولد ابراهيم، فلم خصصتم بذلك الأئمة من ولد الحسن والحسين عليهم السلام.
قلنا: فيه ذكر الجهاد، والجهاد لا يكون إلا بإمام، فإذا ثبت وجوب الجهاد ولم يتم أداء الواجب إلا بنصب الإمام وجب نصبه.
فإن قيل: ومن أين أن منصبه ولد ابراهيم عليه السلام؟
قلنا: هم المأمورون بالجهاد، وغيرهم تابع لهم في ذلك، إذ المعلوم وجوب الجهاد على جميع المكلفين، ولا شك أن الإمامة للمتبوع دون التابع، فإذ قد تقرر وجوب الإمامة لبعض ولد ابراهيم عليه السلام ولا تصح إلا لواحد.
فقولنا: إن ذلك الواحد لا يكون إلا من ولد الحسن والحسين عليهم السلام.
Page 50