ويبدو أن السبب في ذلك راجع إلى أن العيني كان شاهد عيان على العصر المملوكي، بينما كان يكتب عن العصر الأيوبي نقلًا عن غيره. ومما يؤخذ أيضا على العيني عدم دقته أحيانا في ذكر أسماء المصادر التي ينقل عنها؛ ففي بعض الأحيان يذكر أنه نقل عن ابن الأثير، بينما يكون النقل من ابن كثير أو غيره.
السيرة الذاتية والتكوين العلمي للعيني:
العيني من رجالات القرن الثامن الهجري -الرابع عشر الميلادي- وهو محمود بن أحمد بن موسي بن أحمد، أبو محمد، بدر الدين العيني الحنفي العينتابي (^١) نسبة إلى عينتاب، إحدى قرى شمالي حلب، وكانت قديما تسمى قلعة الفصوص.
وقد اختلفت الآراء حول تاريخ ميلاده؛ فبعضها ذكر أنه ولد في السادس والعشرين (^٢) من رمضان سنة ٧٦٢ هـ / ١٣٦٠ م، والبعض الآخر ذكر أنه ولد سابع عشري رمضان (^٣)، مع أن والده سجل التاريخ الأول بخط يده (^٤)، وكانت ولادته في درب كيكن (^٥) في قلعة عينتاب، وهي إحدى قلاع بلاد الشام الحصينة. وقد تفتحت عيون أبناء هذه المنطقة على الجهاد، وحب الفداء والتضحية بالنفس في سبيل عزة الإسلام، وكان العيني واحدًا منهم.
وقد نشأ العيني في أسرة تميز أهلها بحب العلم، والعمل في أشرف مهنة وهي القضاء. وكان والده حامل لواء العدل والعلم الديني في المنطقة (^٦)، وقد انعكس هذا بالتالي على أفراد أسرته؛ إذ تلقى ابنه تعليما جيدا بمقاييس ذلك العصر، فلقنه والده مبادئ القراءة والكتابة وتعاليم الإسلام، ثم أدخله الكُتاب فحفظ القرآن الكريم، ولم يتجاوز عمره الثامنة، مما يدل على ظهور ملامح الذكاء المبكر وقوة الذاكرة.
_________
(^١) الزركلي: الأعلام، ج ٨، ص ٣٨، الطبعة الثانية؛ جرجي زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية، ج ٣، ص ٢١٠ - ص ٢١١، راجعها وعلق عليها شوقي ضيف، دار الهلال.
(^٢) ابن حجر: رفع الإصر عن قضاة مصر، ص ٢٦٠ أ؛ ابن تغري بردي: الدليل الشافي على المنهل الصافي، تحقيق فهيم محمد شلتوت، ج ٢، ص ٧٢١ - ٧٢٢، ترجمة رقم ٢٤٦٥، الطبعة الثانية، دار الكتب - القاهرة ١٩٩٨ م.
(^٣) السخاوي: الضوء اللامع، ج ١٠، ص ١٣١؛ الشوكاني: البدر الطالع، ص ٢٩٤؛ على مبارك: الخطط التوفيقية، ج ٦، ص ٢٥.
(^٤) السخاوي: الضوء اللامع، ج ١٠، ص ١٣١.
(^٥) ابن تغري بردي: الدليل الشافي، ج ٢، ص ٧٢٢.
(^٦) السخاوي: الضوء اللامع، ج ١٠، ص ١٣١.
1 / 18