Cinaya Sharh Hidaya
العناية شرح الهداية
Maison d'édition
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م
Lieu d'édition
لبنان
Genres
Fiqh hanafite
وَفِي الْكِتَابِ إشَارَةٌ إلَيْهِ حَيْثُ شَرَطَ الِاعْتِصَارَ.
قَالَ (وَلَا) يَجُوزُ (بِمَاءٍ غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَأَخْرَجَهُ عَنْ طَبْعِ الْمَاءِ كَالْأَشْرِبَةِ وَالْخَلِّ وَمَاءِ الْبَاقِلَّا وَالْمَرَقِ وَمَاءِ الْوَرْدِ وَمَاءِ الزَّرْدَجِ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَاءً مُطْلَقًا، وَالْمُرَادُ بِمَاءِ الْبَاقِلَّا وَغَيْرِهِ مَا تَغَيَّرَ بِالطَّبْخِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِدُونِ الطَّبْخِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ.
قَالَ (وَتَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِمَاءٍ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ، كَمَاءِ الْمَدِّ وَالْمَاءِ الَّذِي اخْتَلَطَ بِهِ اللَّبَنُ أَوْ الزَّعْفَرَانُ أَوْ الصَّابُونُ أَوْ الْأُشْنَانُ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ: أَجْرَى فِي الْمُخْتَصَرِ مَاءَ الزَّرْدَجِ مَجْرَى الْمَرَقِ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَاءِ الزَّعْفَرَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا اخْتَارَهُ النَّاطِفِيُّ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ ﵀.
ــ
[العناية]
مُسَلَّمٌ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَالثَّانِي مَمْنُوعٌ. وَقَوْلُهُ: (وَفِي الْكِتَابِ) يَعْنِي مُخْتَصَرَ الْقُدُورِيِّ.
وَقَوْلُهُ: (فَأَخْرَجَهُ عَنْ طَبْعِ الْمَاءِ) كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
وَقَوْلُهُ: (كَالْأَشْرِبَةِ إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِهَا الْأَشْرِبَةَ الْمُتَّخَذَةَ مِنْ الشَّجَرِ كَشَرَابِ الرُّمَّانِ وَالْحُمَاضِ، وَبِالْخَلِّ الْخَلَّ الْخَالِصَ كَانَا مِنْ نَظِيرِ الْمُعْتَصَرِ مِنْ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ، وَكَانَ مَاءُ الْبَاقِلَّا وَالْمَرَقِ نَظِيرَ الْمَاءِ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَكَانَ فِيهِ صَنْعَةُ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالْأَشْرِبَةِ الْحُلْوَ الْمَخْلُوطَ بِالْمَاءِ كَالدِّبْسِ وَالشَّهْدِ الْمَخْلُوطِ بِهِ وَمِنْ الْخَلِّ الْخَلَّ الْمَخْلُوطَ بِالْمَاءِ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ كُلُّهَا نَظِيرَ الْمَاءِ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَالْبَاقِلَّا إذَا شُدِّدَتْ اللَّامُ فَهُوَ مَقْصُورٌ وَإِذَا خُفِّفَتْ فَمَمْدُودٌ. وَمَاءُ الزَّرْدَجِ هُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْعُصْفُرِ الْمَنْقُوعِ. وَقَوْلُهُ: (مَا تَغَيَّرَ بِالطَّبْخِ) قِيلَ الْمُرَادُ بِالتَّغَيُّرِ الثُّخُونَةُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَرَقًا.
قَوْلُهُ: (فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ) الَّتِي هِيَ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ، وَالرِّيحُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا غَيَّرَ الْوَصْفَيْنِ لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْأَسَاتِذَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ حَتَّى إنَّ أَوْرَاقَ الْأَشْجَارِ وَقْتَ الْخَرِيفِ تَقَعُ فِي الْحِيَاضِ فَيَتَغَيَّرُ مَاؤُهَا مِنْ حَيْثُ اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ وَالرَّائِحَةُ ثُمَّ إنَّهُمْ يَتَوَضَّئُونَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَكَذَا أَشَارَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إلَيْهِ وَلَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا عَلَى رِقَّتِهِ، أَمَّا إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ فَصَارَ بِهِ ثَخِينًا فَلَا يَجُوزُ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ «إلَّا مَا غُيِّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ» وَذَلِكَ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ التَّوَضُّؤِ عِنْدَ تَغَيُّرِ أَحَدِ الْأَوْصَافِ. أُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ﵊ «لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» أَيْ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ نَجِسٌ وَكَلَامُنَا فِي الْمُخْتَلَطِ الطَّاهِرِ. وَقَوْلُهُ: (أَجْرَى فِي الْمُخْتَصَرِ مَاءَ الزَّرْدَجِ مَجْرَى الْمَرَقِ) أَيْ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّوَضُّؤِ بِهِمَا (وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَاءِ الزَّعْفَرَانِ) وَسَنَذْكُرُ حُكْمَهُ وَقَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّحِيحُ)؛ لِأَنَّهُ خَالَطَهُ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ كَمَاءِ الزَّعْفَرَانِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُخْتَصَرِ إنْ كَانَ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ لَفْظِهِ كَانَ بَيْنَ رِوَايَةِ الْمُخْتَصَرِ وَالْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ خِلَافٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا إذَا كَانَ الْمَاءُ مَغْلُوبًا بِأَجْزَاءِ الزَّرْدَجِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا، وَالْإِمَامُ النَّاطِفِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ اخْتَارَ الْمَرْوِيَّ عَنْ
1 / 71