174

Cinaya Sharh Hidaya

العناية شرح الهداية

Maison d'édition

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Édition

الأولى

Année de publication

1389 AH

Lieu d'édition

لبنان

«الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَلِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْعَادَةِ يُجَانِسُ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَيُلْحَقُ بِهِ، وَإِنْ ابْتَدَأَتْ مَعَ الْبُلُوغِ مُسْتَحَاضَةً فَحَيْضُهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَالْبَاقِي اسْتِحَاضَةٌ لِأَنَّا عَرَفْنَاهُ حَيْضًا فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِالشَّكِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ــ
[العناية]
ﷺ «الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا» وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ مَنْ زَادَ دَمُهَا عَلَى عَشَرَةٍ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَالْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، وَأَيَّامُ أَقْرَائِهَا أَيَّامُ عَادَتِهَا الْمَعْرُوفَةِ، فَمَا زَادَ عَلَيْهَا لَا تَدَعُهَا فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِلْإِضَافَةِ فَائِدَةٌ.
وَقَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ الزَّائِدَ) دَلِيلٌ آخَرُ، وَتَقْرِيرُهُ: الزَّائِدُ (عَلَى الْعَادَةِ يُجَانِسُ الزَّائِدَ عَلَى الْعَشَرَةِ) وَكُلُّ مَا يُجَانِسُ الزَّائِدَ عَلَى الْعَشَرَةِ يَلْحَقُ بِهِ، فَالزَّائِدُ عَلَى الْعَادَةِ يَلْحَقُ بِالزَّائِدِ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَأَمَّا أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْعَادَةِ يُجَانِسُ الزَّائِدَ عَلَى الْعَشَرَةِ فَمِنْ حَيْثُ النُّدْرَةُ وَكَوْنُهُمَا زَائِدَيْنِ عَلَى الْعَادَةِ الْمَعْرُوفَةِ. وَعُورِضَ بِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْعَادَةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَى الْعَشَرَةِ فَأَنَّى يَتَجَانَسَانِ؟ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعَادَةِ يُجَانِسُ الْعَادَةَ فِي كَوْنِهِمَا فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ فَتَعَارَضَ التَّجَانُسُ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُمَا لَوْ اتَّحَدَا فِي إمْكَانِ الْحَيْضِ أَوْ عَدَمِهِ كَانَا مُتَمَاثِلَيْنِ وَلَمْ نَدَعْ ذَلِكَ، وَإِنَّ التَّجَانُسَ بَيْنَ الزَّائِدَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَبَيْنَ الزَّائِدِ وَالْعَادَةِ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ كَمَا ذَكَرْتُمْ، فَكَانَ مَا ذَكَرْنَا رَاجِحًا: وَأَمَّا أَنَّ كُلَّ مَا يُجَانِسُ الزَّائِدَ عَلَى الْعَشَرَةِ يَلْحَقُ بِهِ فَلِأَنَّ الْجِنْسِيَّةَ عِلَّةُ الضَّمِّ.
وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ ابْتَدَأَتْ مَعَ الْبُلُوغِ مُسْتَحَاضَةً) رُوِيَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَمَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَجَعَلَ الْمُسْتَحَاضَةَ مِنْ بَابِ جُنَّ وَأُغْمِيَ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهَا، وَجَعْلُ مُسْتَحَاضَةٍ نَصَبًا عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّرَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣]؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ حَالَ ابْتِدَاءِ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ لَمْ يَثْبُتْ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْعَشَرَةِ أَنَّهَا كَانَتْ مُقَدَّرَةَ الِاسْتِحَاضَةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ رُؤْيَتِهَا الدَّمَ.
وَقَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّا عَرَّفْنَا حَيْضًا) أَيْ عَرَفْنَا الدَّمَ الْمَرْئِيَّ فِي الْعَشَرَةِ حَيْضًا (فَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ حَيْضًا بِالشَّكِّ) وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمَرْئِيَّ فِي الْعَشَرَةِ حَالَ وُجُودِهِ حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ حَيْضًا وَلِهَذَا لَوْ انْقَطَعَ الدَّمُ عَلَى الْعَشَرَةِ حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ كُلِّهِ حَيْضًا، فَإِذَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَقَعَ الشَّكُّ فِي كَوْنِ الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثَةِ حَيْضًا أَوْ لَا فَلَا يَزُولُ ذَلِكَ الْيَقِينُ بِهَذَا الشَّكِّ الَّذِي حَدَثَ الْآنَ.

1 / 178