115

Cinaya Sharh Hidaya

العناية شرح الهداية

Maison d'édition

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1389 AH

Lieu d'édition

لبنان

بِهِ وَيَتَيَمَّمُ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ اضْطِرَابًا وَفِي التَّارِيخِ جَهَالَةً فَوَجَبَ الْجَمْعُ احْتِيَاطًا. قُلْنَا لَيْلَةَ الْجِنِّ كَانَتْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ، وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ عَمِلَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ ﵃، وَبِمِثْلِهِ يُزَادُ عَلَى الْكِتَابِ.
ــ
[العناية]
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ اضْطِرَابًا؛ لِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى أَبِي زَيْدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْحُرَيْثِ رَوَى عَنْهُ أَبُو فَزَارَةَ وَكَانَ نَبَّاذًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ لِيُهَوِّنَ عَلَى النَّاسِ أَمْرَ النَّبِيذِ، وَأَبُو زَيْدٍ كَانَ مَجْهُولًا عِنْدَ النَّقَلَةِ؛ وَلِأَنَّهُ رَوَى عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَلْ كَانَ أَبُوك مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ فَقَالَ: وَلَوَدِدْت أَنْ لَوْ كَانَ أَبِي صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَوْ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ لَكَانَ فَخْرًا عَظِيمًا وَمَنْقَبَةً لَهُ وَلِعَقِبِهِ بَعْدَهُ، فَأَنْكَرَ كَوْنَ أَبِيهِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَوْ كَانَ لَمَا خَفِيَ عَلَى ابْنِهِ، وَفِي التَّارِيخِ جَهَالَةٌ، فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي انْتِسَاخِ هَذَا الْحَدِيثِ لِجَهَالَةِ التَّارِيخِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُسِخَ ذَلِكَ بِآيَةِ التَّيَمُّمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُنْسَخْ؛ لِأَنَّ آيَةَ التَّيَمُّمِ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الْأَسْفَارِ، وَالنَّبِيذُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَادَاتِ فِيمَا قَرُبَ مِنْ الْأَمْصَارِ فَيَجِبُ الْجَمْعُ احْتِيَاطًا، قُلْنَا لَيْلَةُ الْجِنِّ كَانَتْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ: يَعْنِي أَنَّهَا تَكَرَّرَتْ.
قَالَ فِي التَّيْسِيرِ: «إنَّ الْجِنَّ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَفْعَتَيْنِ»، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الدَّفْعَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْمَدِينَةِ بَعْدَ آيَةِ التَّيَمُّمِ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ، وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ ثَبَتَ بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ وَعَمِلَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ كَعَلِيٍّ رَوَى عَنْهُ الْحَارِثُ أَنَّهُ قَالَ: الْوُضُوءُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وُضُوءُ مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ. وَرَوَى عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ.
رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: تَوَضَّئُوا بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَلَا تَتَوَضَّئُوا بِاللَّبَنِ. وَرَوَى عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ الْوُضُوءَ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ. وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ الْوُضُوءَ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَهْم كِبَارُ الصَّحَابَةِ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ مَعْمُولًا بِهِ (وَبِمِثْلِهِ) أَيْ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ (يُزَادُ عَلَى الْكِتَابِ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ اشْتَبَهَ كَوْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ

1 / 119