Cinaya Sharh Hidaya
العناية شرح الهداية
Maison d'édition
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1389 AH
Lieu d'édition
لبنان
Genres
Fiqh hanafite
(وَعَرَقُ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِسُؤْرِهِ) لِأَنَّهُمَا يَتَوَلَّدَانِ مِنْ لَحْمِهِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا حُكْمَ صَاحِبِهِ. قَالَ (وَسُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ طَاهِرٌ) لِأَنَّ الْمُخْتَلِطَ بِهِ اللُّعَابُ وَقَدْ تَوَلَّدَ مِنْ لَحْمٍ طَاهِرٍ فَيَكُونُ طَاهِرًا، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجَوَابِ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالْكَافِرُ.
ــ
[العناية]
وَمَشْكُوكٌ فِيهِ كَسُؤْرِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ. قَالَ (وَعَرَقُ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِسُؤْرِهِ) قِيلَ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ وَسُؤْرُ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِعَرَقِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي السُّؤْرِ لَا فِي الْعَرَقِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ فِي ضِمْنِ الْأَسْآرِ الْعَرَقَ، فَلَوْ قَالَ وَسُؤْرُ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِعَرَقِهِ لَوَجَبَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُ عَرَقُ الْآدَمِيِّ كَذَا وَعَرَقُ الْكَلْبِ كَذَا وَعَرَقُ الْخِنْزِيرِ كَذَا، وَكَانَ الْفَصْلُ إذْ ذَاكَ لِلْعَرَقِ لَا لِلسُّؤْرِ، وَلَا يُنْتَقَضُ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ فَإِنَّهُ مَشْكُوكٌ، وَعَرَقُهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي طَهُورِيَّتِهِ لَا فِي طَهَارَتِهِ.
وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا) أَيْ اللُّعَابَ وَالْعَرَقَ أُضْمِرَ عَلَى اللُّعَابِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ؛ لِأَنَّ السُّؤْرَ هُوَ مَا خَالَطَهُ اللُّعَابُ فَكَانَ ذِكْرُ السُّؤْرِ ذِكْرًا لَهُ. وَقَوْلُهُ: (وَسُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ) كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَنَحْوِهَا (طَاهِرٌ) قِيلَ يَعْنِي بِغَيْرِ كَرَاهَةٍ لِئَلَّا يَدْخُلَ فِيهِ سُؤْرُ الدَّجَاجَةِ الْمُخَلَّاةِ فَإِنَّهُ مَأْكُولُ اللَّحْمِ وَسُؤْرُهُ مَكْرُوهٌ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مَأْكُولَ اللَّحْمِ طَاهِرُ السُّؤْرِ فَلَا مَانِعَ مِنْ الدُّخُولِ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ: (؛ لِأَنَّ الْمُخْتَلِطَ بِهِ اللُّعَابُ) وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْجَوَابِ الْجُنُبُ) لِكَوْنِهِ آدَمِيًّا وَالْجَنَابَةُ لَا أَثَرَ لَهَا فِي ذَلِكَ لَمَا رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ ﷺ لَقِيَ حُذَيْفَةَ فَمَدّ يَدَهُ لِيُصَافِحَهُ فَقَبَضَ يَدَهُ وَقَالَ إنِّي جُنُبٌ، فَقَالَ ﵊ الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» وَبِهَذَا يَسْقُطُ مَا قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سُؤْرُ الْجُنُبِ نَجِسًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِوُجُودِ سُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْ فَمِهِ بِشُرْبِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ عَلَى أَنَّهُ فِي مَكَانِ الضَّرُورَةِ فَيَسْقُطُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ كَسُقُوطِهِ عِنْدَ إدْخَالِ الْيَدِ الْإِنَاءَ وَالْحَائِضِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ شَرِبَتْ مِنْ إنَاءٍ فِي حَالِ حَيْضِهَا فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَمَهُ عَلَى مَوْضِعِ فَمِهَا وَشَرِبَ»، وَالْكَافِرِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَنْزَلَ وَفْدَ ثَقِيفٍ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانُوا مُشْرِكِينَ»، وَلَوْ كَانَ عَيْنُ الْمُشْرِكِ نَجِسًا لَمَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَا يُعَارَضُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨]
1 / 108