Cinaya Sharh Hidaya
العناية شرح الهداية
Maison d'édition
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م
Lieu d'édition
لبنان
Genres
Fiqh hanafite
(فَفَرْضُ الطَّهَارَةِ: غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَمَسْحُ الرَّأْسِ) بِهَذَا النَّصِّ،
ــ
[العناية]
﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: ٦] مَقْرُونًا بِذِكْرِ الْحَدَثِ وَهُوَ بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ.
وَالنَّصُّ فِي الْبَدَلِ نَصٌّ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا أُضْمِرَ قَوْلُهُ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ كَرَاهَةَ أَنْ يَفْتَتِحَ آيَةَ الطَّهَارَةِ بِذِكْرِ الْحَدَثِ كَمَا قَالَ ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] وَلَمْ يَقُلْ هُدًى لِلضَّالِّينَ الصَّائِرِينَ إلَى التَّقْوَى بَعْدَ الضَّلَالِ كَرَاهَةَ أَنْ يَفْتَتِحَ أُولَى الزَّهْرَاوَيْنِ بِذِكْرِ الضَّلَالَةِ. وَاعْتُرِضَ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْجُلُوسَ فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا يَتِمُّ مَا ذَكَرْتُمْ، وَعَلَى الثَّانِي بِأَنَّ الْآيَةَ بِعِبَارَتِهَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ، وَآيَةُ التَّيَمُّمِ تَدُلُّ بِدَلَالَتِهَا عَلَى وُجُوبِهِ عَلَى الْمُحْدِثِينَ، وَالْعِبَارَةُ قَاضِيَةٌ عَلَى الدَّلَالَةِ كَمَا عُرِفَ.
وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ: سَلَّمْنَا أَنَّ الْجُلُوسَ فِي الْوُضُوءِ غَيْرُ وَاجِبٍ لَكِنْ خِلَافُ مَا ذَكَرْنَا يُفْضِي إلَى وُجُوبِ الْقِيَامِ لِلْوُضُوءِ دَائِمًا لِأَنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ لَا يَتَحَقَّقُ إذْ ذَاكَ إلَّا إذَا تَوَضَّأَ قَائِمًا، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَمَا يُفْضِي إلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ غَيْرُ مُرَادٍ فَلَا تَقْتَضِي عِبَارَتُهُ الْوُضُوءَ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ فَتَسْلَمُ الدَّلَالَةُ عَنْ الْمُعَارِضِ وَيَسْقُطُ السُّؤَالُ الثَّانِي.
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالدَّلَالَةِ فَاسِدٌ هَاهُنَا لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ وُجُوبِ التَّيَمُّمِ بِوُجُوبِ الْحَدَثِ وَالتَّيَمُّمُ بَدَلٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخَالِفَ الْبَدَلُ الْأَصْلَ فِي الشَّرْطِ فَإِنَّهُ خَالَفَهُ فِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَهِيَ شَرْطٌ لَا مَحَالَةَ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَنَا فِي مُخَالَفَةِ الْبَدَلِ الْأَصْلُ فِي شَرْطِ السَّبَبِ، فَإِنَّ إرَادَةَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ بِشَرْطِ الْحَدَثِ سَبَبٌ لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ، وَالْبَدَلُ لَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ فِي سَبَبِهِ، وَمَا ذَكَرْتُمْ لَيْسَ بِشَرْطِ السَّبَبِ، فَإِنَّ إرَادَةَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ بِشَرْطِ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لَهُ، وَإِنَّمَا النِّيَّةُ شَرْطُ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لَا شَرْطُ سَبَبِهِ.
قَالَ (فَفَرَضَ الطَّهَارَةَ) الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ دَخَلَتْ عَلَى الْحُكْمِ بَعْدَ ذِكْرِ الدَّلِيلِ، وَالْفَرْضُ بِمَعْنَى الْمَفْرُوضِ، وَالْمُرَادُ بِالطَّهَارَةِ الْوُضُوءُ، وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَإِنَّمَا فَسَّرَ الْغُسْلَ وَالْمَسْحَ مَعَ ظُهُورِ مَعْنَاهُمَا إشَارَةً إلَى دَفْعِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ تَكْرَارِ مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ، وَإِلَى أَنَّ الْبَلَلَ بِالْمَاءِ فِي الْمَغْسُولَاتِ لَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀. وَقُصَاصُ الشَّعْرِ مُنْتَهَاهُ وَغَايَتُهُ فِي الرَّأْسِ. وَفِي الْقَافِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ وَالضَّمُّ أَعْلَاهَا.
وَقَوْلُهُ
1 / 14