الخميس 21 مارس
صرت قادرا على الحركة، تمشيت قليلا بجوار الخيم. ولاحظت أن المعسكر صار مثل السوق يبيع الأهالي في جنباته الأنبذة والتين وكعك القمح والعنب والزبد، كل ذلك بأسعار فاحشة. وكان هناك كثير من النساء البطالات.
وراقبت عددا من الجنود يزحفون في الخنادق، ويقتربون في حذر من الأسوار والأبراج ليضعوا تحتها الألغام بينما ينهال عليهم المدافعون بالبنبات.
وقال لي الصباغ: إن كليبر سخر من الخنادق قائلا: إنها ربما تناسب الجنرال القصير لكن لا تصل إلى بطنه هو العملاق.
الجمعة 22 مارس
استعد الفرنساوية للهجوم. أطلقوا المدافع بشدة على نقطة من السور لإحداث ثغرة. ثم بدأ الهجوم الفعلي فوزعوا نصيبا موفورا من النبيذ يزيد على التعيين العادي. وانطلقت أول موجة من المهاجمين وهم رماة البنبات خلال الخنادق. وحاولوا تسلق الأنقاض المتساقطة من الثغرة. أما العدو فأطلق كل ما عنده من نيران بنادق وبنبات وأحجار. وتلقوا بالسيوف كل من نفذ من الثغرة.
سقطت أرواح كثيرة. لكن الفرنساوية كرروا الهجوم بلا نتيجة. صادفت ساكتة منحنية فوق جندي فرنساوي ملقى على الأرض، كانت تبكي. ولم أعرف إذا كان الجندي جريحا أو مصابا بالطاعون. فضلت الابتعاد.
الإثنين 25 مارس
وصلت مركبة بريد من القاهرة. وجلسنا أنا والصباغ إلى أحد سائقيها وهو عجوز مالطي. سألناه عن أحوال القاهرة، فقال: إن تشويش الطاعون ماش في البلد، وإن الفرنساوية ألصقوا أوراقا مبصومة بالأسواق بعمل كرنتيلة عند الشك في إصابة شخص. ويلزم شيخ الحارة أو السوق الذي فيه ذلك أن يخبر حالا القبطان الفرنساوي حاكم ذلك الخط. ومن يتهاون في ذلك يكون قصاصه الموت. كما حذروا من مخالطة النساء المشهورات.
وقال المالطي: إن عددا كبيرا من شبان المماليك يحيون في سرية في القاهرة في بيوت المشايخ، ويهددون بالتشويش وإثارة الفتن. وأمر الديوان بأن يحمل كل فرد من الرعية أوراقا تثبت شخصيته.
Page inconnue