درت في الميدان بحماري . كانت هناك حديقة كبيرة بجوار بيت ساري عسكر، وقبله بيت بطابقين، وبجواره قصر صغير أمامه جندي فرنسي. توقفت أمامه وترجلت عن حماري. أفصحت له عن غرضي فأفسح لي جانبا.
طرقت الباب ففتح لي خادم أسود، وبدا أنه كان يتوقعني فقد تناول مني مقود حماري في صمت. مضيت في ممشى الحديقة حتى الباب الداخلي ودققت عليه، فتحت لي امرأة شامية سافرة من بنات البلد ذات عيون سوداء واسعة وبشرة بيضاء وأنف طويل أقنى. وقادتني إلى مجلس بالطابق الأرضي. تركت حذائي عند الباب. وسرت فوق سجادة حتى أريكة.
ولجت بولين القاعة بعد قليل في غلالة شرقية تصل إلى الأرض وقلنسوة تغطي رأسها.
نهضت واقفا وترددت في الاندفاع إليها وتقبيلها. اقتربت مني وقبلتني في خدي، ثم أشارت لي أن أجلس. كنت ألتهمها بعيني ولا أصدق أنها أمامي أخيرا.
خلعت قلنسوتها فوجدت أنها قصت شعرها حتى أسفل عنقها، وقالت: ما رأيك في شعري؟
أبديت استيائي، فقالت: نابليون يحبه هكذا.
كانت أول مرة أسمعها تتحدث عن ساري عسكر باسمه الأول.
قلت بحدة: وكيف عرفت؟ - هل تذكر يوم سفر زوجي؟ لقد دعيت في المساء أنا وبعض الإفرنجيات وزوجات القادة إلى حفل عشاء عند بونابرته. كانت حفلة شائقة. وتحدث فيها عن مشروعاته. قال: إن الحرب الهجومية تساعد الاقتصاد، وإن واجبنا المقدس أن نزرع أفكار الحرية والإخاء والمساواة في أرجاء العالم. وإذا تطلب الأمر فسنفعل ذلك بالمدافع.
صمتت وبدت تسترجع شيئا، ثم استطردت: كان يجب أن تسمعه عندما يتكلم، قال: إنه من النوع الذي يمكنه أن يبني الدول ويقودها. وإنه أحد الرجال الذين يصنعون التاريخ.
كنت أستمع إليها وأنا أتمزق. استطردت: كان يحملق في طول الوقت، كان لعينيه مثل كلامه تأثير السحر علي. وقال لي إنه يفضلني في شعر قصير.
Page inconnue