قال: الله خير حارس.
قلت: خذ معك غدارة.
أرسل الخادم جعفر لشراء بارود. خلع عمامته ومسح عرق رأسه بكم جلبابه. شعره فاحم السواد رغم سنه المتقدمة، بلغ الخامسة والأربعين منذ شهور.
انجابت الشمس. الرائحة العفنة تأتي من ناحية الحفرة التي تفرغ بها كراسي الراحة. لم يأت أحد من الشماعين لكسحها منذ أيام. قال أستاذي إن إبراهيم بك سيئ الحظ؛ من أسبوع ضبطته زوجته يجامع إحدى إمائه فضربته. - وسكت عليها؟ - لا يستطيع معها شيئا؛ فهي ذات مكانة عظيمة، ولها كرامات ويأتيها الوحي من النبي.
سألته عن صديقه الشيخ حسن العطار، قال: ذهب إلى الصعيد. مساتير الناس هربت ولم يبق إلا الفقراء.
قلت إن الأمير أيوب بك الدفتردار استشهد في إنبابة. وكنت أعرف أنه كان قريبا من أستاذي.
قال: سمعت من لفظه رؤيا رآها قبل ورود الفرنسيس بنحو شهرين تدل على ذلك. ولما حضروا إلى بر إنبابة هب لملاقاتهم، وصار يقول: أنا بعت نفسي في سبيل الله.
تفكر قليلا ثم أضاف: رحمه الله. كان ذا دهاء ومكر، ويتظاهر بالانتصار للحق، وحب الأشراف والعلماء، ويشتري المصاحف والكتب، ويواظب على الصلاة في الجماعة، ويقضي حوائج السائلين والقاصدين بشهامة، ويميل إلى الخلاعة وسماع الألحان والأوتار، ويباشر الضرب عليها بيده.
عاد جعفر بالبارود والرصاص. قال إن سعرهما غلا؛ فصار رطل الأول بستين بارة والثاني بتسعين.
أحضر منصور الغدارة ملفوفة في خرقة. تبعه خادم يحمل قنديلا رفعه إلى أعلى. انهمك منصور في تنظيف الغدارة وحشوها .
Page inconnue