عند عودتي وجدت أن الجبرتي ذهب مع ركب من المشايخ إلى بيت بونابرته. وقال عند رجوعه إنهم خاطبوا القائد الفرنسي في العفو وإعطاء الأمان؛ فطالبهم بالتبيين والتعريف عمن تسبب من المتعممين في إثارة العوام، فترجوه في إخراج العسكر من الأزهر، فأجابهم لذلك السؤال.
وقال إنهم طلبوا الشيخ سليمان الجوسقي، شيخ طائفة العميان، والشيخ عبد الوهاب الشبراوي، والشيخ يوسف المصيلحي، والشيخ إسماعيل البراوي، وحبسوهم ببيت البكري. ولم يجدوا السيد بدر المقدسي.
الأربعاء 24 أكتوبر
زارنا عصر اليوم عمر القلقجي كبير المغاربة بالفحامين. وطلب مني أستاذي أن أحضر اللقاء وأنتبه لما يدور من حديث ليسجله بعد ذلك. كان المغربي أبيض البشرة وله لثغة خفيفة مع حرف الراء. وقال لأستاذي: إن شباب المغاربة اشتركوا في مهاجمة الفرنساوية. والآن يخشى الجميع مغبة هذا العمل. وإنه يفكر في طلب مقابلة ساري عسكر ليرجوه العفو كما فعل تجار الغورية الذين تعهدوا بالمسئولية عن أية فتنة ضد الفرنساوية.
أبدى أستاذي ترحيبه بالفكرة قائلا: إن من قاموا بالفتنة لم يفكروا في عواقب الأمور ولم يدركوا أنهم في القبضة مأسورون. وعاب عليهم أنهم هاجموا ممتلكات الأعيان ودمروا الأجهزة العلمية ببيوت الفرنساوية.
الجمعة 26 أكتوبر
ذهبت إلى باب سعادة مع عبد الظاهر لنتأكد من خبر المغاربة، وكان قد شاع أن عمر القلقجي جمع منهم ومن غيرهم عدة وافرة، وعرضهم على ساري عسكر فاختار منهم الشباب وأولي القوة، وأعطاهم سلاحا وآلات حرب، ورتبهم عسكرا ورئيسهم عمر المذكور.
وقفنا أمام داره. وطالعنا من فرجة الباب صفا من المغاربة يحملون بأيديهم البنادق وأمامهم عسكري فرنسي يعلمهم. فيشير إليهم بألفاظ بلغتهم كأن يقول: «مردبوش»، فيرفعون البنادق قابضين بأكفهم على أسافلها، ثم يقول: «مرش»، فيمشون صفوفا إلى غير ذلك.
ولم يلبثوا أن اتجهوا إلى باب الدار فابتعدنا. وخرجوا وأمامهم الطبل الشامي على عادة المغاربة. تعرفت على أحدهم فسألته: أين يذهبون؟ قال: إلى جهة بحري لقمع الفتنة.
الإثنين 5 نوفمبر
Page inconnue