Science de la morale psychologique : Principes de la philosophie littéraire
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Genres
نرى أيضا أن الذاتية الاجتماعية التي لكل فرد في الأمة لا تري الفرد أن أفعال الآخرين مساعدة لأفعاله فقط، بل هي مادة أفعاله أيضا؛ ولذلك ليست شخصيته قائمة بتبادل النسبة بينه وبين الآخرين على قاعدة التعاون، بل هي قائمة بوقف الذات على فعل الخير للآخرين؛ ففي ابتغائه الخير للآخرين يبتغي الخير لنفسه، وحينما يبتغي الخير لنفسه وحده مستقلا يكون منتحرا، وحين يحب نفسه فقط يبغضها، وحين يحرص على ذاتيته يفقدها، وبالعكس حين يعرض نفسه للضياع في مصلحة الجمهور يجدها.
إذن هذا منشأ الواجب والحق، ولولا لزوم هذا التفاني في الحرص على مصلحة المجموع لما كان للحق والواجب معنى؛ إذن موضع الحق والواجب هو في نسبة الجسم الاجتماعي إلى أجزائه، أو في نسبة الفرد إلى المجتمع. ومعنى الواجب هو الضغط الذي قضى به تأثير فعل المجموع على الفرد في الظروف السابقة التي تهيأت له، والحق هو الحرية التي يمنحها المجموع للفرد معترفا له بها، باعتبار أنه من أجزائه الحيوية. هذا هو حق الفرد وواجبه.
وأما حق المجتمع فهو في تصور الفرد أنه جزء من المجتمع، وفي طاعته لأنظمة المجتمع وقوانينه، والحرص على سلامته. وواجب المجتمع هو في اعتبار أن هذا الفرد حيوي منه، وعليه أن يحرص على حيويته. (5-5) معنى القاعدة الأدبية
بعد هذا البيان يتضح لك أن القاعدة الأدبية هي أن تكون جميع أفعال الفرد متجهة إلى خير المجموع، ومتفقة مع حركة المجموع. وبالطبع إذا كانت كذلك كانت مقتصرة عن دائرة حقوق الآخرين، ومتفقة مع أفعال الآخرين الذين يعملون لخير المجموع أيضا.
وهو أمر طبيعي أيضا أنه متى كان الفرد ذو الشخصية الاجتماعية الأدبية يعمل لمصلحة المجموع، وبالمصاقبة لأعمال الآخرين الذين يعملون لمصلحة المجتمع، كانت جميع المبادئ الأدبية؛ كالصدق والأمانة والاستقامة والوفاء، قانون حياته الأدبية، وشريعة ضميره الصالح. وحينئذ قلما يضل السبيل عن كيفية تطبيق أفعاله على هذه المبادئ.
فترى مما تقدم أن مركز القاعدة الأدبية الرئيسية هو في هذه العلاقة بين الفرد والمجتمع. وسينجلي للقارئ هذا الموضوع أكثر في الفصل التالي.
الفصل الثاني
النظام الاجتماعي
(1) الشريعة (1-1) نظام المجتمع
إذا كانت الهيئة الاجتماعية تعد جسما قائما بذاته مؤلفا من أعضاء هي الشخصيات الاجتماعية، كان ولا بد لهذا الجسم عقلية قائمة بذاتها، وله روحانية أيضا، وبالتالي كانت له أدبية ومثال أعلى وواجبات وحقوق وفضائل، كما للفرد. وكلها تقيد سلوكه وتحدد مناهجه، وكما أننا نقيس قيمة سلوك المرء على ما يقوله ويفعله ونقول عنه: إنه حسن أو صواب أو حق، كذلك بقدر ما يكون مجتمع من الناس منظما نقول: إنه مجتمع حسن النظام، عادل القوانين، حقاني القضاء.
Page inconnue