217

Les raisons de la grammaire

علل النحو

Enquêteur

محمود جاسم محمد الدرويش

Maison d'édition

مكتبة الرشد

Édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

Lieu d'édition

الرياض / السعودية

الْعلَّة أَيْضا جَازَ لما بعد الِاسْتِفْهَام أَن يعْمل فِيهِ. وَاعْلَم أَن الْأَفْعَال الَّتِي تدخل على الِاسْتِفْهَام لَو قلت: ضربت أَيهمْ عنْدك، وَأَنت تُرِيدُ الِاسْتِفْهَام، كَانَ محالا، وَإِنَّمَا فسد ذَلِك، لِأَن (ضربت) وَمَا جرى مجْراهَا لَا يَصح إلغاؤه، لِأَنَّهُ فعل مُؤثر، فَإِذا تقدم قبل الِاسْتِفْهَام لم يخل من أحد أَمريْن: إِمَّا أَن يعْمل، وَإِمَّا أَن يلغى. وَقد بَينا أَن عمل مَا قبل الِاسْتِفْهَام بَاطِل، وإلغاء هَذَا الْفِعْل أَيْضا محَال، فَلذَلِك لم يجز هَذَا الْكَلَام.
فَأَما أَفعَال الْقُلُوب فَهِيَ إِذا توسطت بَين مفعولين تلغى، وَقد بَينا فِيمَا مضى لم جَازَ الغاؤها، وَتقول: قد علمت زيدا أَبُو من هُوَ، ف (هُوَ) خبر (الْأَب)، والراجع إِلَى زيد (هُوَ)، وَلما كَانَ هُوَ الْأَب، لم يحْتَج الْأَب إِلَى رَاجع إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا صَار النصب فِي (زيد) أقوى من الرّفْع، لِأَن (زيدا) لَيْسَ بمستفهم عَنهُ فِي اللَّفْظ، وَإِنَّمَا هُوَ مستفهم عَنهُ فِي الْمَعْنى، وَاللَّفْظ أقوى من الْمَعْنى، لِأَن الحاسة تقع عَلَيْهِ مَعَ الْعقل، وَالْمعْنَى إِنَّمَا يَقع عَلَيْهِ الْعقل فَقَط، فَلذَلِك كَانَ النصب أقوى.
وَأما قَوْلهم: (كل رجل وقرينه) فَهُوَ إِضْمَار: ليكن كل رجل مَعَ قرينه، وَالْأَحْسَن إِظْهَار الْفِعْل، إِلَّا أَن الْعَطف جعل كالعوض مِنْهُ، وَكَذَلِكَ مَا ينصب فِي هَذَا الْبَاب فَهُوَ مَعْطُوف أَو مُكَرر، وَلَا يجوز إِظْهَار الْفِعْل، نَحْو قَوْلك: رَأسك والحائط، والأسد الْأسد، وَمَا أشبه ذَلِك، لما ذَكرْنَاهُ من التّكْرَار، والعطف عوض من الْفِعْل، فَلم يجز إِظْهَاره مَعَ وجود الْعِوَض مِنْهُ.
وَأما قَوْلهم: (الْمَرْء مَجْزِي بِعَمَلِهِ، إِن خيرا فخيرا، وَإِن شرا فشرا) .

1 / 353