170

Les raisons de la grammaire

علل النحو

Enquêteur

محمود جاسم محمد الدرويش

Maison d'édition

مكتبة الرشد

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م

Lieu d'édition

الرياض / السعودية

الِاثْنَيْنِ، فَلهَذَا وَجب أَن يكون الْمصدر أصلا للْفِعْل.
وَوجه ثَالِث: وَهُوَ أَن الْمصدر اسْم، وَالِاسْم يقوم بِنَفسِهِ، كَقَوْلِك: ضربك وجيع، كَمَا تَقول: والدك عَالم، فقد لحق الْمصدر بالأسماء بِالْقيامِ بِنَفسِهِ، وَالْفِعْل لَا يَسْتَغْنِي عَن الِاسْم، فَإِذا كَانَ كَذَلِك وَجب أَن مَا لَا يحْتَاج إِلَى غَيره أصلا فِي نَفسه، وَهُوَ الِاسْم، وَمَا افْتقر إِلَى غَيره فرعا، وَهُوَ الْفِعْل، وَهَذَا الدَّلِيل على أَن الْفِعْل مَأْخُوذ من الْمصدر، لَا أَن الْمصدر مَأْخُوذ من الْفِعْل.
فَإِن قَالَ قَائِل: فقد وجدنَا الْمصدر يُؤَكد بِهِ الْفِعْل، كَقَوْلِك: ضربت ضربا، والتأكيد بعد الْمُؤَكّد؟
قيل: هَذَا غلط، (٣٧ / أ) وَذَلِكَ أَن الْمصدر - وَإِن أطلقنا عَلَيْهِ أَنه توكيد - فَإِنَّمَا يَقْتَضِي أَنه بعد الْمُؤَكّد فِي اللَّفْظ، كَمَا أَنَّك لَو قلت: ضربت ضربت، وَجَاءَنِي زيد زيد، وكررت الِاسْم وَالْفِعْل، لَكَانَ المكرر توكيدا للْأولِ، وَلَيْسَ الأول أصلا لَهُ، من سَبَب أَنه جَاءَ قبله، وَأَيْضًا فَإِن قَوْلك: ضربت ضربا، مَعْنَاهُ: أَنَّك أوقعت فعلا، فالمصدر مفعول، كَقَوْلِك: ضربت زيدا، فَلَو اعْتبرنَا تَرْتِيب اللَّفْظ، وَكَون الْفِعْل عَاملا فِيمَا بعده، وجعلناه أصلا لهَذِهِ الْعلَّة، لوَجَبَ أَن يكون الْفِعْل قبل الِاسْم - أَعنِي: قبل (زيد) فِي قَوْلك: ضربت زيدا، وَكَذَلِكَ سَائِر الْأَسْمَاء - وَوَجَب مَا هُوَ أقبح من هَذَا، وَهُوَ أَن تكون الْحُرُوف أصلا للْفِعْل وَالِاسْم، إِذا كَانَت عوامل فيهمَا، فَلَمَّا بَطل هَذَا سقط الْإِلْزَام.

1 / 306