وكان النواب يفدون كل بعربته، فيفتح له منفذ في ذلك البنيان المتماسك إلى باب المجلس، فيصعد.
دقت الساعة النصف بعد الثامنة، فأقبلت عربة كان الراكب فيها ذلك الرجل العظيم «جون سوبيسكي».
فما رآه الشعب حتى افتر عن ثغر باسم وصاح قائلا: «ليحي سوبيسكي»، «ليحي مليك اليوم»، «ليحي منقذ الوطن»، «ليسقط الظلمة» وهكذا صار جون سوبيسكي كالعروس يزفها الشعب إلى أن وصل إلى باب المجلس، فصعد وهو يقول: (مليك اليوم يا ليتها تحقق فأقوم بأمتي) ومن ثم اكتمل نظام الجلسة فنادى مناد بالانتظام.
وقف الكونت سمولنسكي، فقال:
أيها الإخوان
إن قضيتنا اليوم قضية أمة، بل قضية شعب يصيح طالبا ملكا يضع ذلك التاج على رأسه، فليكن التروي قائدنا، والاطمئنان رائدنا.
مستقبل الأمة بيدكم، فانتخبوا من ترون فيه الكفاءة لأن يتولى قيادتنا، وليضع كل منكم رأيه في ورقة ويقذفها داخل هذا الصندوق.
وما انتهى الكونت من خطابه حتى فتح باب القاعة عنوة، ودخل رجل لابس لباسا يدل على أنه أحد العمال من الشعب، فأدار وجهه، ثم استقر نظره أخيرا على رئيس المجلس الكونت سمولنسكي، فقال له:
أيها الكونت، ويا أيها النواب
أنا إن تصديت للكلام هنا في هذا المكان؛ أي حيث لا يدخل إلا النبلاء والنواب؛ فإنما أنساق إليه بقوة الواجب؛ لأن أطهر سمعة الشعب وشرف الأمة التي أنا منها.
Page inconnue