Les Larmes
العبرات
Maison d'édition
دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Régions
Égypte
لَا تَزَال تَعْتَلِج بَيْن أَضْلَاعه فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِمَسْجِد مِنْ تِلْكَ اَلْمَسَاجِد اَلَّتِي اِسْتَحَالَتْ إِلَى كَنَائِس اِسْتَطَاعَ أَنْ يَقِف أَمَامه هُنَيْهَة عَلَّه يَرَى اَلْفَتَاة اَلْإِسْبَانِيَّة بَيْن اَلدَّاخِلَات إِلَيْهِ أَوْ اَلْخَارِجَات مِنْهُ وَإِذَا رَأَى اَلصَّلِيب مُشْرِفًا عَلَى رَأْس مِئْذَنَة ذِكْر اَلصَّلِيب اَلذَّهَبِيّ اَلْجَمِيل وَإِذَا سَمِعَ أَصْوَات اَلنَّوَاقِيس تَرِنّ فِي أَجْوَاز اَلْفَضَاء ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَع ذَلِكَ اَلصَّوْت اَلرَّنَّان فِي اَلسَّاعَة اَلَّتِي رَآهَا فِيهَا فَأَنِسَ بِهِ وَسَكَنَتْ نَفْسه إِلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ أَصْبَحَ هَذَا اَلْأَمِير اَلْمِسْكِين وَلَا هُمْ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَمَشَّى صَبِيحَة كُلّ يَوْم عَلَى ضِفَاف نَهْر شنيل يَقْلِب نَظَره فِي أَبْوَاب اَلْقُصُور اَلْمُشْرِفَة عَلَى ذَلِكَ اَلنَّهْر عَلَّه يَعْرِف قَصْر اَلْفَتَاة فَلَا يَعْرِفهُ وَفِي وُجُوه الغاديات والرائحات مِنْ اَلْفَتَيَات عَلَّه يَرَاهَا بَيْنهنَّ فَلَا يَرَاهَا حَتَّى إِذَا نَالَ مِنْهُ اَلْيَأْس اِنْكَفَأَ رَاجِعًا إِلَى مَقْبَرَة آبَائِهِ فِي ظَاهِر الدينة فَجَلَسَ بَيْن اَلْقُبُور يَذْرِف دُمُوعًا غزارا لَا يَعْلَم هَلْ هِيَ دُمُوع اَلذِّكْرَى اَلْقَدِيمَة أَوْ دُمُوع اَلذِّكْرَى اَلْجَدِيدَة.
نَكَبَ اَلدَّهْر فلورندا مُنْذُ عَامَيْنِ نَكْبَة لَا تَزَال لَوْعَتهَا مُتَّصِلَة بِقَلْبِهَا حَتَّى اَلْيَوْم فَقَدْ كَانَ أَبُوهَا رَئِيس جُمَيْعَة اَلْعِصَابَة اَلْمُقَدِّسَة اَلَّتِي قَامَتْ فِي وَجْه اَلْحُكُومَة أَعْوَامًا طِوَالًا تُطَالِبهَا بِالْحُرِّيَّةِ اَلدِّينِيَّة وَالشَّخْصِيَّة لِجَمِيع اَلشُّعُوب اَلْحُكُومَة عَلَى اِخْتِلَاف مَذَاهِبهَا وَأَجْنَاسهَا حَتَّى أعيار رِجَال اَلْحُكُومَة أَمْره.
اَلَّتِي مَاتَتْ عَلَى أَثَره حُزْنًا شَدِيدًا مَا كَانَ يُفَارِقهَا فِي جَمِيع غدواتها
1 / 63