Les Larmes
العبرات
Maison d'édition
دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Régions
Égypte
جَالِسَيْنِ يَتَحَدَّثَانِ فَتَمْلَأ نَفْسِي عبطة وَسُرُورًا وَأَحْمَد اَللَّه عَلَى أَنْ رَزَقَنِي بِصَدِيق وَفِي يُونُس زَوْجَتِي فِي وَحْدَتهَا وَزَوْجَة سَمْحَة كَرِيمَة تُكْرِم صَدِيقِي فِي غَيْبَتِي فَقُولُوا لِلنَّاسِ جَمِيعًا أَنَّ ذَلِكَ اَلرَّجُل اَلَّذِي كَانَ يَفْخَر بِالْأَمْسِ بِذَكَائِهِ وَفِطْنَته وَيَزْعُم أَنَّهُ أكيس اَلنَّاس وَأُحَزِّمهُمْ قَدْ أَصْبَحَ يَعْتَرِف اَلْيَوْم أَنَّهُ أَبْلَه إِلَى اَلْغَايَة مِنْ اَلْبَلَاهَة وَغَبِيّ إِلَى اَلْغَايَة اَلَّتِي لَا غَايَة وَرَاءَهَا.
والهفا عَلَى أُمّ لَمْ تَلِدنِي وَأَب عَاقِر لَا نَصِيب لَهُ فِي اَلْبَنِينَ.
لَعَلَّ اَلنَّاس كَانُوا يَعْلَمُونَ مِنْ أَمْرِي مَا كُنْت أَجْهَل وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا إِذَا مَرَرْت بِهِمْ يَتَنَاظَرُونَ وَيَتَغَامَزُونَ وَيَبْتَسِم بَعْضهمْ إِلَى بَعْض أَوْ يُحَدِّقُونَ إِلَى وَيُطِيلُونَ اَلنَّظَر فِي وَجْهِي وَلِيَرَوْا كَيْفَ تَتَمَثَّل اَلْبَلَاهَة فِي وُجُوه اَلْبُلْه وَالْغَبَاوَة فِي وُجُوه اَلْأَغْبِيَاء وَلَعَلَّ اَلَّذِينَ كَانُوا يَتَوَدَّدُونَ إِلَيَّ وَيَتَمَسَّحُونَ بِي مِنْ أَصْدِقَائِي إِنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلهَا لَا مِنْ أَجْلِي وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَنِي فِيمَا بَيْنهمْ وَيُسَمُّونَ زَوْجَتِي موسا وَبَيْتِي ماخورا وَأَنَا عِنْد نَفْسَيْ أَشْرَف اَلنَّاس وَأَنْبَلهمْ!.
فوا بِالْإِغْوَاءِ لِي إِنْ بَقِيَتْ عَلَى ظَهْر اَلْأَرْض بَعْد اَلْيَوْم سَاعَة وَاحِدَة ووالهفا عَلَى زَاوِيَة مُنْفَرِدَة فِي قَبْر مُوحِش يطويني وَيَطْوِي عَارِي مَعِي.
ثُمَّ أَغْمَضَ عَيْنَيْهِ وَعَاد إِلَى ذُهُوله وَاسْتِغْرَاقه.
وَهُنَا دَخَلَتْ اَلْحُجْرَة مُرْضِع وَلَده تُحَمِّلهُ عَلَى يَدهَا حَتَّى وَضَعَتْهُ
1 / 52