لقد تلقيت في الليلة الماضية «مقدمتك» التي أشكرك عليها شكرا جزيلا، لقد فوجئت بحجمها الكبير؛ لن أستطيع قراءتها قريبا. كان لطفا بالغا منك أنك أرسلت ورقة نودين البحثية؛ لأنني كنت متلهفا للاطلاع عليها. إنني مندهش من أن دوكين يقول إنها مطابقة لنظريتي. فالآلية التي يطرحها نودين هو ومجموعة من الكتاب الإنجليز فيها، هي الانتقاء الاصطناعي، وعندما يقول إن الأنواع تكونت بالطريقة نفسها، ظننت أنه سيثبت في ورقته الكيفية التي أطرحها بالضبط. لكني لا أجد أي كلمة على غرار الصراع من أجل البقاء والانتقاء الطبيعي. وعلى العكس من ذلك، يقدم في (صفحة 103) مبدأ الغائية (الذي لا أفهمه)، والذي، بحسب قوله، يرى بعض المؤلفين أنه يعني القدرية، فيما يرى آخرون أنه يعني العناية الإلهية، والذي يكيف أشكال جميع الكائنات الحية، وينشر التناغم بينها على مستوى الطبيعة كلها.
إنه يفترض كعلماء الجيولوجيا القدامى (الذين افترضوا أن قوى الطبيعة كانت أشد في الماضي) أن الأنواع كانت أكثر قابلية للتغير في البداية. وصحيح أن تشبيهه المتعلق بالشجرة والتصنيف مماثل لتشبيهي (أنا وآخرين)، لكني أعتقد أنه لم يفكر مليا في الموضوع، وإلا لكان قد رأى أن علم الأنساب في حد ذاته لا ينتج تصنيفا؛ لذا فأنا لا أرى في ورقة نودين نهجا «شديد» القرب إلى نهجي ونهج والاس بأكثر مما أراه في ورقة لامارك؛ فكلنا نتفق في مسألة التعديل والانحدار. إذا لم أتلق خطابا منك، فسأرد ورقة «ريفيو أورتيكول» في غضون بضعة أيام (مع الغلاف). أظن أن لايل سيفرح برؤيتها. بالمناسبة، سأظل محتفظا بالمجلد إلى أن تخبرني بما إذا كان لي أن أرسله إلى لايل أم لا. أود أن يرى لايل هذه الرسالة، مع أن دفاع المرء عن استقلال أفكاره وأسبقيتها فعل أحمق.
صديقك الدائم
سي داروين
من إيه سيجويك
24
إلى تشارلز داروين
كامبريدج، 24 ديسمبر، [1859]
عزيزي داروين
أرسل إليك لأشكرك على كتابك «أصل الأنواع». أظنه قد وصل في أواخر الأسبوع الماضي، لكنه ربما يكون قد وصل قبل ذلك ببضعة أيام، ولم ألحظه وسط طرود الكتب المرسلة إلي، التي غالبا ما تظل غير مفتوحة عندما أكون كسولا أو مشغولا بأي عمل لدي. لقد بدأت في قراءته حالما فتحته، وأنهيته يوم الخميس بعد مقاطعات كثيرة. كنت منشغلا يوم أمس؛ أولا، بالتحضير لمحاضرتي، وثانيا، بحضور اجتماع لإخوتي من الزملاء من أجل مناقشة المقترحات النهائية للمفوضين البرلمانيين، وثالثا، بإلقاء محاضرة، ورابعا، بسماع ملخص المناقشة ورد الكلية، الذي وافقنا عليه، تماشيا مع رغبتي الشخصية، على مخطط المفوضين، وخامسا، بتناول العشاء مع صديق قديم في كلية «كلير كوليدج»، وسادسا، بالذهاب بعد انتهاء العشاء إلى الاجتماع الأسبوعي لنادي راي، الذي عدت منه في العاشرة مساء، منهكا للغاية، غير قادر على صعود درج بيتي إلا بجهد جهيد. وأخيرا، بمطالعة صحيفة «ذا تايمز» لرؤية ما يجري في العالم الحافل.
Page inconnue