175

Charles Darwin : Sa Vie

تشارلز داروين: حياته

Genres

ورقة بحثية عن هذا الموضوع؟ يقول هوكر إنك فعلت ذلك؛ فأين هي؟»

إلى الدكتور آسا جراي [31 مايو 1863؟] «كنت أطالع عمل نيجالي عن هذا الموضوع، ودهشت إذ رأيت أن الزاوية في البتيلات الحديثة، عندما تصبح براعم الأوراق ملحوظة لأول مرة، لا تكون مطابقة دائما للزاوية في الفروع المكتملة النمو. أظن أن هذا يبين وجود سبب قوي بالتأكيد لتلك الزوايا؛ أعتقد أن لها تفسيرا بسيطا كتفسير زوايا خلايا النحل.»

تراسل والدي أيضا مع الدكتور هوبرت إيري وكان مهتما بآرائه عن الموضوع، التي نشرت في دورية «رويال سوسايتي بروسيدينجز»، عام 1873، الصفحة 176.

نعود الآن إلى أحداث عام 1866.

في نوفمبر، عندما كانت مقاضاة الحاكم إير تقسم إنجلترا إلى حزبين شديدي الخصام، أرسل خطابا إلى السير جيه هوكر قال فيه: «ستصرخ في وجهي عندما تسمع أنني تبرعت للتو للجنة جامايكا.»

51

وبخصوص هذا الموضوع، أقتبس فقرة من أحد خطابات أخي: «بخصوص سلوك الحاكم إير في جامايكا، كان مقتنعا تماما بأن جيه إس ميل كان محقا في مقاضاته. أتذكر أننا كنا نتحدث عن الموضوع في بيت عمي مساء أحد الأيام، ولأنني كنت أرى أن مقاضاة الحاكم إير بتهمة القتل إجراء أشد قسوة من اللازم، تفوهت بقول أحمق عن أن محاميي الادعاء أنفقوا فائض الأموال التي جمعوها في وجبة عشاء. فهاجمني والدي وهو يكاد يستشيط غضبا، وأخبرني أنه إذا كان هذا هو رأيي، يجدر بي العودة إلى ساوثهامبتون؛ حيث قدم السكان عشاء للحاكم إير عند هبوطه، ولكن لم تكن لي أي علاقة بذلك.» وقد انتهت هذه الواقعة، كما سردها أخي، بتصرف من تصرفات والدي المعتادة التي كانت تميزه جدا إلى حد أنني لا أستطيع مقاومة ذكر هذا التصرف، مع أنه ليس متعلقا بالمسألة محل النقاش. «في صباح اليوم التالي في الساعة السابعة، أو نحو ذلك، جاء إلى غرفة نومي وقعد على سريري، وقال إنه لم يستطع النوم من التفكير فيما أبداه تجاهي من غضب شديد، ثم قال لي بضع كلمات لطيفة أخرى وتركني.»

تجدر الإشارة إلى أن هذه الرغبة الملحة نفسها في تصحيح انطباع كريه أو خاطئ توصف على نحو جيد في فقرة مقتطفة أقتبسها من بعض رسائل المبجل جيه برودي إنيس: «كان إمعانه البالغ في الملاحظة مصحوبا بصدقه اللافت للغاية في كل شيء. ففي إحدى المناسبات، عقد اجتماع لأفراد الأبرشية بخصوص موضع خلاف غير ذي أهمية كبيرة، وفوجئت ليلتئذ بزيارة من السيد داروين. كان قد جاء ليقول إنه، عندما فكر في النقاش الذي دار بشأن هذه النقطة، ارتأى أنني ربما توصلت إلى استنتاج خاطئ - والحق أن ما قاله كان دقيقا إلى حد كبير - وإنه لم يكن لينام حتى يشرح لي ذلك. أعتقد أنه، لو عرف في أي يوم بحقيقة معينة تتعارض مع أعز نظرياته لديه، لدون هذه الحقيقة قبل أن ينام لكي تنشر.»

يتفق هذا مع عادات والدي، كما وصفها بنفسه. فعندما كانت تخطر بباله إحدى الصعوبات أو الاعتراضات كان يرى أن تدوينها على الفور مهم للغاية؛ لأنه كان يجد الحقائق المناهضة لأفكاره تزول بسرعة شديدة من ذاكرته.

يتجسد هذا الأمر نفسه في الحادثة التالية، التي أدين بها للسيد رومينز: «دائما ما أتذكر الحادثة الصغيرة التالية كمثال جيد على اهتمام السيد داروين الشديد بمسألة الدقة. في مساء أحد الأيام في داون، دارت محادثة عامة عن صعوبة شرح تطور بعض المشاعر التي يتميز بها البشر، لا سيما تلك المشاعر المتعلقة بإدراك الجمال في المناظر الطبيعية. اقترحت رأيا عن الموضوع من وجهة نظري، وكان هذا الرأي، بناء على مبدأ الارتباط، يستلزم افتراض أن سلسلة طويلة من الأجداد قد سكنت مناطق تتسم بما يعد الآن من المناظر الجميلة. وفي اللحظة التي كنت فيها على وشك الإشارة إلى أن الصعوبة الرئيسية المرتبطة بفرضيتي نشأت من مشاعر الإحساس بالروعة الجليلة (نظرا إلى أن هذه المشاعر مرتبطة بالرهبة، وبذلك فربما يتوقع ألا تكون مستحسنة)، توقع السيد داروين ما كنت سأقوله، وذلك بأنه سأل عن الكيفية التي تلائم بها الفرضية حالة هذه المشاعر. وفي المحادثة التي أعقبت ذلك، قال إن المرة التي كان فيها أشد تأثرا بمشاعر الإحساس بالجلال في حياته كانت عندما وقف على إحدى قمم السلسلة الجبلية في أمريكا الجنوبية، وتفحص الأفق الرائع في كل مكان من حوله. شعر حينئذ، حسبما قال بأسلوب جذاب، ويكأن أعصابه قد صارت أوتارا في آلة كمان، وبدأت كلها تهتز بسرعة. لم يقل ذلك إلا عرضا، وانتقلت المحادثة إلى فرع آخر. وبعد حوالي ساعة، تركنا السيد داروين ليخلد إلى الراحة، وسهرت أنا في غرفة التدخين مع أحد أبنائه. واصلنا التدخين والتحدث عدة ساعات، وإذا بالباب يفتح برفق في حوالي الساعة الواحدة صباحا وظهر منه السيد داروين مرتديا خفيه ورداءه المنزلي. وعلى حد ما أتذكر، فقد قال: «منذ أن ذهبت إلى الفراش، كنت أفكر في الحوار الذي دار بيننا في غرفة الجلوس، وخطر ببالي للتو أنني كنت مخطئا عندما قلت لك إنني كنت أشد إحساسا بالجلال حين كنت على قمة السلاسل الجبلية في أمريكا الجنوبية؛ فأنا متيقن تماما من أنني اختبرت ذلك الشعور بدرجة أكبر عندما كنت في غابات البرازيل. ارتأيت أنه من الأفضل أن آتي وأخبرك بهذا فورا خشية أن يضللك كلامي. أنا الآن متيقن من أن أقصى ما اختبرته من الإحساس بالجلال كان في غابات البرازيل.»

Page inconnue