حصل في هذا العام على أعظم تكريم يمكن أن يحصل عليه أي عالم في هذا البلد؛ وسام كوبلي من الجمعية الملكية. يقدم هذا الوسام في اجتماع الذكرى السنوية في عيد القديس أندرو (30 نوفمبر)، وعادة ما يكون الحاصل عليه حاضرا لتسلمه، لكن حالة والدي الصحية منعته من ذلك. أرسل خطابا إلى السيد فوكس عن هذا الموضوع قائلا: «سررت برؤية خط يدك. يعد وسام كوبلي تكريما عظيما؛ لأنه يمنح على الإنجازات في جميع مجالات العلوم وعلى نطاق العالم بأسره، لكن مثل هذه الأشياء، باستثناء عدة خطابات لطيفة، لا تشكل لدي فارقا كبيرا. غير أنه يوضح أن الانتقاء الطبيعي يحرز بعض التقدم في هذا البلد، وهذا يسعدني. بالرغم من هذا، فالموضوع مرحب به في أراض أجنبية.»
وكتب إلى السير جيه دي هوكر أيضا، قائلا: «كم كنت لطيفا في رد فعلك على نيلي هذا الوسام؛ الحق أنني أنعم بالكثير من الأصدقاء الطيبين، وقد تلقيت أربع رسائل أو خمسا ملأتني بالسرور. كثيرا ما أتعجب من أن عجوزا باليا مثلي لم يصبح طي النسيان التام. بمناسبة الحديث عن الأوسمة، هل حاز فالكونر الوسام الملكي؟ يحق له أن يحصل عليه بالطبع، مثلما يحق لجون لوبوك أن يحصل عليه. وبهذه المناسبة، يخبرني هذا الثاني بأن بعض أعضاء الجمعية الملكية القدامى صدموا بشدة من حصولي على وسام كوبلي. هل تعرف من هم؟»
وأرسل خطابا إلى السيد هكسلي، قائلا: «يجب أن أرد عليك وسأرد عليك؛ إذ يسرني حقا أن أشكرك من صميم قلبي على رسالتك. ذلك أن رسالة كرسالتك هذه، وبضع رسائل أخرى، هي الوسام الحقيقي لي، لا تلك القطعة الذهبية. لقد غمرتني مثل هذه الرسائل بسعادة ستدوم طويلا؛ لذا فلتصدق شكري الخالص النابع من أعماق قلبي على رسالتك.»
تحدث السير تشارلز لايل، في خطاب أرسله إلى والدي في نوفمبر 1864 (كتاب «قصة حياة السير تشارلز لايل وخطاباته ويومياته»، المجلد الثاني، الصفحة 384)، عن الساخطين المزعومين قائلا إنهم كانوا خائفين من منح الوسام على عمل غير تقليدي جدا ككتاب «أصل الأنواع». لكنه يضيف أنهم، إذا كانوا يحملون هذه المشاعر حقا، ب «قد تحلوا بالحس العقلاني السليم وكبحوها داخلهم». بالرغم من ذلك، يبدو من الخطاب نفسه أن اقتراح منح والدي وسام كوبلي في العام السابق لم يحظ بالتأييد لحالة مشابهة تتمثل في الافتقار إلى الشجاعة الكافية، وهو ما أغضب لايل بشدة.
في عدد دورية «ذا ريدر»، بتاريخ 3 ديسمبر 1864، نشر تقرير مطول بعض الشيء عن خطاب الجنرال سابين الرئاسي في اجتماع ذكرى التأسيس السنوية. ولقد أشيد على نحو خاص بعمل والدي في الجيولوجيا وعلم الحيوان وعلم النبات، أما الإشادة التي حظي بها عن كتاب «أصل الأنواع» فهي أنه يتضمن «مجموعة هائلة من الملاحظات ... إلى آخره». ومن الغريب أن تكريمه في هذه الحالة لم يكن على عمل حياته العظيم، بل على عمل أقل أهمية في مجالات خاصة، وحدث ذلك أيضا في حالة انتخابه في المعهد الفرنسي. جاءت الفقرة التي تشير إلى كتاب «أصل الأنواع» في خطبة الجنرال سابين على النحو التالي: «في أحدث أعماله «عن أصل الأنواع»، وبالرغم من أن الآراء قد تكون منقسمة بشأن جدارة الكتاب في بعض النواحي أو لم تتحدد بعد، فسيعترف الجميع بأنه يحوي مجموعة هائلة من الملاحظات المتعلقة بعادات الحيوانات وبنيتها وصلات القرابة بينها وتوزيعها، والتي قد لا يوجد ما يضاهيها في الفائدة والدقة والصبر على الرصد والملاحظة. ربما يميل البعض منا إلى قبول النظرية التي يشير إليها عنوان هذا العمل، بينما قد يميل آخرون إلى رفضها، أو على الأقل إرجاء اتخاذ قرار بشأنها إلى وقت ما في المستقبل لحين اكتساب مزيد من المعرفة يتيح أسبابا أقوى لقبولها التام أو رفضها. ولهذا؛ فقد اتفقنا بصفة عامة وبشكل جماعي على حذف هذا العمل صراحة من الأسس التي منحنا الجائزة استنادا إليها.»
أعتقد أنني محق في القول إن بعض زملاء الجمعية شعروا باستياء شديد من أسلوب الرئيس في الحديث عن كتاب «أصل الأنواع».
هذا، وكان منح وسام كوبلي مفيدا بطريقة أخرى أيضا؛ لأنه دفع السير سي لايل، في خطبته التي ألقاها بعد العشاء، إلى «الجهر بمدى إيمانه بكتاب «أصل الأنواع»». إذ قال في خطاب إلى والدي (كتاب «قصة حياة السير تشارلز لايل وخطاباته ويومياته»، المجلد الثاني، الصفحة 384): «قلت إنني قد اضطررت إلى التخلي عن إيماني القديم دون أن أرى طريقي إلى إيمان جديد بوضوح تام. لكني أظن أنك كنت ستقنع بالمدى الذي بلغته.»]
من تشارلز داروين إلى تي إتش هكسلي
داون، 3 أكتوبر [1864]
عزيزي هكسلي
Page inconnue