القصة الملحمية الكبرى عزيزة ويونس التي اعتدنا سماعها تروى بمختلف وسائل التعبير الشعبي، استقلت أصلا عن الجسم الأساسي لسيرة بني هلال. وهي تؤرخ لعرب نجد المرية، وهجراتهم لتعريب الشمال الأفريقي والغرب، فقد بدءوا من ربوع الجزيرة العربية شمالا وجنوبا مرورا بما بين الرافدين والشام وفلسطين ومصر وليبيا، إلى أن وصل زحفهم إلى تونس وقلاعها الأربع عشرة، فضربوا حصارهم حول قرطاج الذي امتد إلى سنوات سبع، بما يذكرنا بحصار الإغريق لطروادة الذي استغرق سنوات تسعا، وكلا الحصارين تذرع بحجة المطالبة بالإفراج عن الأسرى، وكان الإغريق قد طالبوا بالإفراج عن «هيلين» زوجة «مينلاوس».
أما الأمراء النجديون الثلاثة وهم يونس ومرعي ويحيى فلهم قصة أخرى، إنهم أبناء السلطان حسن بن سرحان الهلالي سلطان الهلالية الغزاة.
تحايل فرسان الهلالية الثلاثة يونس ومرعي ويحيى، حين ريادتهم المبكرة، كطلائع لتحالف الزحف الهلالي، لاستكشاف تونس وربوعها وتخومها أو قلاعها الأربع عشرة، بصحبة خالهم أبي زيد الهلالي سلامة، واضطرارهم لبيع عقد ثمين من غالي الجوهر توارثوه عن جدتهم الأميرة الأم «شماء»، التي كان لها ثلث المشورة في الحرب وقيادة المهاجرين خلال الثلث الأول من ثلاثية السيرة الهلالية.
إلى أن وصلوا قصر الأميرة «عزيزة» ابنة سلطان تونس «معبد بن باديس» وهم متنكرون في هيئة شعراء جوالين، عن طريق دلال ظل يفاخر بدهاء يونس وفروسيته وقبائله تحت شباك قصر العزيزة:
آه يا ستي لو شفتيه
لو شفتي طولو مع معانيه
تفوتي قصرك باللي فيه
واسمك الغالي تنسيه.
فكان أن تحركت لواعج عزيزة نحو يونس، حين وقعت عيناها عليه للمرة الأولى منبهرة.
وقفت عزيزة في ريح القصر ورحاته وقالت:
Page inconnue