هذه إذن أحكام اللعبة، وفهمها، مجرد فهمها، يعفيك من أن تبتئس حيث لا ينبغي الابتئاس، فإذا كنت ترهن سعادتك بعطايا الحظ فإنها لن تشفي حاجتك بل ستزيدها اشتعالا، أما إن كنت غير أسير لها فإن فقدانها لن يسلبك أمنك ولن ينال من سعادتك.
التغير سنة الطبيعة، ليس شقاء إذن إلا ما تعده أنت كذلك، وكل قدر هو قدر سعيد ما دمت تتلقاه بثبات ورباطة جأش، لماذا تبحثون عن السعادة خارج نفوسكم وهي كامنة فيها؟ إذا كنت سيد نفسك فإن لديك من الثراء الداخلي ما لا يستطيع الحظ أن يسلبك إياه.
الثبات على التغير! ... ذلك هو طبع الحظ ودأبه وديدنه.
فلتفرح إذن بأنك كشفت الوجه المتقلب لهذا الإله الأعمى، واهنأ بإحدى الراحتين، «فلقد تخلى عنك من لا يأمن له أحد ولا يثق ببقائه إلى جانبه على الدوام ... والحق أنك لو تذكرت طبعه وأساليبه ومزاياه لتبينت أنك لم تفد منه ولم تخسر بفقدانه شيئا ذا بال.»
هكذا الفلسفة دائما، الفهم برد وسلام ... الفهم ترياق.
ليس عليك أن تغير ما لا قبل لك بتغييره، وبحسبك أن تفهمه!
الدروب الخطأ إلى الخير
تذهب «الفلسفة» إلى أن الرغبة في الخير الحقيقي هي شيء متأصل في نفوس البشر جميعا، وما يحيد بهم عن جادة الخير سوى الحمق والخطأ والسير في الدروب المضلة إلى الخيرات الزائفة، إن الخير الأسمى، أو السعادة الخالصة، هي هدف البشر جميعا، أخيارهم وأشرارهم على السواء، فأما الأخيار فيسعون إليه من الطريق الصحيح وبالنشاط الطبيعي وهو ممارسة فضائلهم، وأما الأشرار فيقصدون إلى الشيء نفسه ولكن من الطريق الخطأ ... من خلال شهوات ليست بالطريقة الصحيحة ولا الطبيعية لاكتساب الخير: الثروة، المنصب، الجاه، الشهرة، النفوذ، اللذة ... إلخ، ومن ثم فالأخيار أقوياء لأنهم يحققون الغاية، والأشرار عجزة لأنهم يقصرون عنها، ولا يغير من الأمر أن الأخيار قد ينفون ويضطهدون والأشرار قد يسودون بعض حين ويزدهرون في الظاهر الكاذب.
المال والثروة
انظر إلى نقائض المال وغراباته:
Page inconnue