وإما تجويز أن يكون لشيء واحد باعتبار واحد إمكانان ، أحدهما بالذات ، والآخر بالغير ، فهو ظاهر الفساد ؛ إذ كما لا يتصور لشيء واحد باعتبار واحد وجودان ، أو عدمان ، فكذلك لا يتصور لواحد بعينه من الذوات أو الحيثيات المكثرة للذات ضرورتا وجود واحد ، أو ضرورتا عدم واحد ، ولا ضرورتا وجود وعدم واحد.
كيف ، وهذه المعاني طبائع ذهنية لا تحصل إلا بالإضافة ، ولا يتعدد كل منها إلا بتعدد ما أضيفت هي إليه؟
وقد ظهر من هذه البيانات أن كلا من الواجب بالذات والممتنع بالذات لا يكون واجبا بالغير ، ولا ممتنعا بالغير ، وإلا يلزم إما عدم تأثير ذلك الغير ، وتساوي اعتباره ولا اعتباره ، وإما زوال ما بالذات ، وانقلاب الحقيقة ، وكلاهما مستبين الفساد.
* أصل
قد دريت أنه لا يجوز ترجح أحد طرفي المتساويين من دون مرجح ، فالماهية الممكنة ما لم يترجح وجودها لم توجد ، وما لم يترجح عدمها لم تنعدم ، ولا يجوز أن تقتضي ذاتها رجحان أحد الطرفين من غير سبب خارج عن نفسها ، لما دريت أن الماهية لا ذات لها قبل جعل الوجود ، وأنها ما لم تدخل في دار الوجود دخولا عرضيا ليست في نفسها شيئا من الأشياء حتى نفسها ، فلا يصلح لإسناد مفهوم ما إليها إلا بحسب التقدير البحت.
وأما اتصافها بالإمكان والامتناع وإن كان من أحوالها السابقة على
Page 113