247

============================================================

248 سكون الروح إلى النفس القلب، وأعنى بهذا القلب اللطيفة التى محلها المضغة اللحمية، فالمضغة اللحمية من عالم الخلق. وهذه اللطيقة من عالم الأمن وكان تكون القلب من الروح والنفس فى عالم الأمر كتكؤن الذرية من آدم وحواء فى عالم الخلق، ولولا المساكنة بين الزوجين اللذين أحدهما النفس ما تكؤن القلسب، فمن القلوب قلب متطلع الى الأب الذى هو الروح العلوى ميال إليه، وهو القلب المؤيد الذى ذكره رسول الله قيما رواه حذيفة رضى الله عنه قال: ((القلوب أربعة: قلسب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أسود متكوس فذلك قلب الكافر، وقلب مربوط على غلافه فذلك قلب المنافق، وقلب مصفح فيه إيمان ونفاق، فمثل الإيمان فيه مثل اليقلة يمدها الماء الطيب، ومثل النفاق فيه كمتل القرحة يمدها القيح والصديد، فأى المادتين غليت عليه حكم له يها)): والقلب المكنوس ميال إلى ("الأم)) التى هى النفس الأمارة بالسوء.

ومن القلوب قلب متردد فى مبله إليها، ويحسب غلبة ميل القلب يكون حكمه من السعادة والشقاوة.

والعقل جوهر الروح العلوى ولساته والدال عليه، وتدبيره للقلب المؤيد والتفس الزكية المطمئنة تديير الوالد للولد البار، والزوج للزوجة الصالحة، وتدبيره للقلب المنكوس والتفس الأمارة بالسوء تدبير الوالد للولد العاق والزوج للزوجة السيئة، فمتكوس من وجه، ومتجدب إلى تدبيرهما من وجه، إذ لابد له منهما.

وقول القائلين واختلافهم فى محل العقل؛ فمن قائل إن محله الدماغ، ومسن قسائل إن محله القلب، كلام القاصرين عن درك حقيقة ذلك، واختلافهم فى ذلك لعدم استقرار العقل على نسق واحد، وانجذابه إلى البار وإلى تارة وإلى العاق أخرى، وللقلب والدماغ نسبة إلى اليار والعاق، فإذا رؤى فى تدبير العاق قيل مسكنه الدماغ وإذا رؤى فى تدبير البار قيل مسكنه القلب.

فالروح العلوى يهم بالارتفاع إلى مولاه شوقا وحنوا وتنزها عن الأكوان، ومن الأكوان: القلب والنفس فإذا ارتقى الروح يحنو القلب إليه حنو الولد الحنين البار إلى الوالد، وتحن الشفس إلى القلب الذى هو الولد حنين الوالدة الحنينة إلى ولدها، وإذا حيت النفس ارتقت من الأرض، وانزوت عروقها الضارية فى العالم السفلى، وانطوى هواها، واتحسمت مادته وزهدت فى الدنيا، وتجافت عن دار الغرور، وأنابت الى دار الخلود وقد تخلد النفس

Page 247