L'âge de la Renaissance : une très brève introduction
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
كانت هذه التقنيات مجهولة تماما بالنسبة للملاحين الأوروبيين. لقد أخذت الخبرة الفلكية اليهودية البرتغاليين حتى حدود الرأس، ثم ساعدتهم المهارة الملاحية الإسلامية في نهاية المطاف على الوصول إلى الهند.
لم يزود الربان العربي دا جاما بالخبرة الملاحية المطلوبة للإبحار عبر المحيط الهندي فحسب، بل كشف له دون قصد منه عن مدى اتساع تطور العلم والفلك العربي. فكما أن نصوص بطليموس الكلاسيكية عن الجغرافيا والفلك انتقلت من الإسكندرية إلى القسطنطينية وإيطاليا وألمانيا والبرتغال، فقد انتشرت كذلك شرقا عبر دمشق وبغداد وسمرقند. ومثلت رعاية محمد الفاتح لكتاب بطليموس «الجغرافيا» أحد أبعاد التقليد القوي للفلك والجغرافيا الإسلامية. ففي عام 1513، أصدر القائد البحري العثماني المعروف باسم «بيري رئيس» خريطة للعالم، زعم أنها «تستند بالأساس إلى عشرين رسما وخريطة للعالم إحداها مرسومة في عصر الإسكندر الأكبر ومعروفة باسم «دجا جرافي». كانت هذه الخريطة تعتمد على كتاب بطليموس «الجغرافيا». كما استعان بيري رئيس كذلك «بخرائط جديدة للبحار الصينية والإيطالية»، علاوة على «خريطة عربية للهند، وأربع خرائط برتغالية جديدة مرسومة وفقا للطرق الهندسية المتعلقة بالهند والصين، وأيضا خريطة الأراضي الغربية التي وضعها كولومبس». وكان من الواضح أن البلاط العثماني في إسطنبول يراقب عن كثب التطورات في المحيط الأطلنطي الغربي.
لم يتبق من خريطة بيري رئيس سوى الجزء الغربي، لكن تفصيلات هذا الجزء توحي بأن تمثيل المحيط الهندي كان شاملا بالدرجة نفسها، من خلال الاستعانة بالخرائط البرتغالية الجديدة ودمجها مع الخبرة الفلكية والملاحية للربابنة والدارسين المسلمين والهندوس والصينيين. وتؤكد تعليقات بيري رئيس على المستوى الواسع للتبادل الثقافي ورواج المعرفة اللذين شكلا أساس عصر الاكتشافات. كان المسلمون والهندوس والمسيحيون يتبادلون المعلومات والأفكار في محاولة لانتزاع زمام المبادرة السياسية والتجارية.
شكل 4-3: توضح خريطة العالم التي رسمها بيري رئيس (1513) مدى انتقال المعلومات الجغرافية بين الشرق والغرب.
3
من الناحية الملاحية، كان دا جاما وأفراد بعثته يعتقدون أنهم يبحرون إلى عالم جديد. وسرعان ما اكتشفوا أنهم - على المستوى الثقافي - كانوا يدخلون عالما مألوفا بصورة مدهشة، حيث كان ينظر إليهم فيه على أنهم أناس قذرون وعنيفون ومتخلفون من الناحية التقنية. وصل دا جاما إلى كاليكوت التي تقع على الساحل الجنوبي من الهند في مايو 1498، لكن الهدايا التي أحضرها معه كانت ملائمة للتجارة في غينيا أكثر من تقديمها كهدايا في مراسم رسمية إلى البلاط الملكي الأنيق لملك كاليكوت سامورين. وعندما شاهد التجار المحليون عرض دا جاما المتنافر من القماش والمرجان والسكر والزيت والعسل، «سخروا منه قائلين إنه لا يليق تقديم مثل تلك الأشياء إلى ملك، وإن أفقر تاجر من مكة، أو من أي بقعة أخرى من الهند يمكنه أن يقدم أكثر من ذلك». تسبب هذا العجز عن تقديم هدايا ملائمة في توترات سياسية، وحصر البرتغاليين في إطار مقايضة محدودة. ومع ذلك، فإن الحمولة الصغيرة، ولكن الثمينة، من القرفة والقرنفل والزنجبيل وجوزة الطيب والفلفل والعقاقير والأحجار الكريمة والأخشاب، التي قدمها دا جاما لدى عودته إلى لشبونة في سبتمبر 1499؛ أقنعت البلاط الملكي البرتغالي بأنهم دخلوا أخيرا إلى عالم تجارة التوابل.
لم يكن دخول البرتغال إلى السوق التجارية في المحيط الهندي أكثر من مجرد قطرة في محيط. فأنماط التجارة التقليدية للمنطقة والتبادل التجاري وضخامة وتنوع بضائعه قزمت العرض والطلب للأساطيل البرتغالية الأولى. وقد استجاب البرتغاليون بالتكيف مع الوضع والقبول البراجماتي بالطرق المختلفة للتبادل التجاري، واستغلال الاختلافات السياسية بين المجتمعات الهندوسية والإسلامية، واستخدام البارود في تأسيس مواقع تجارية محدودة عبر أرجاء المنطقة. ومع ذلك، فقد سجلت الخرائط والكتب والمقايضات الدبلوماسية في أوروبا أن رحلة دا جاما رسخت احتكار البرتغال لتجارة التوابل الآسيوية.
تمثل تأثير رحلة البحار البرتغالي في تغيير الخريطة السياسية للعالم في عصر النهضة. فقد حاولت فينيسيا على الفور تقويض مناقشات كانت تدور مع تجار توابل هنود كانوا قد وصلوا إلى لشبونة لمناقشة دور البرتغال في التجارة، ودخلت في محادثات مفتوحة مع العثمانيين والمماليك المصريين بهدف استخدام القوة الدبلوماسية والعسكرية للدفاع عن مصالحهم التجارية. وردت البرتغال في عام 1511، بالتفاوض مع الحاكم الفارسي الشاه إسماعيل لشن هجوم عسكري مشترك على مصر، من شأنه أن يقضي على إمدادات فينيسيا بالتوابل، ويساعد إسماعيل في حربه ضد العثمانيين. وكما كان معتادا في عصر النهضة، فعندما تكون التجارة والثروة معرضة للخطر، تتبدد الخلافات الدينية والأيديولوجية.
مغامرات عالمية
بحلول عام 1502، وصلت المرحلة الكبرى الأولى من السفر البحري إلى ذروتها. فقد تحطمت صورة بطليموس عن العالم، وبدأت صورة حديثة متميزة عن العالم في الظهور. فقد دار البرتغاليون حول أفريقيا، ووصلوا إلى الهند، واكتشفوا البرازيل بالصدفة في الطريق إلى الشرق (1500)، وكانوا يتقدمون إلى ملقة بإندونيسيا (1511)، وهرمز (1513)، والصين (1514)، واليابان (1543). وباتجاه الغرب، رسخت رحلات كولومبس الثلاث إلى الأمريكتين تجارة مزدهرة في الذهب والفضة والعبيد. وفي أربع رحلات ما بين عامي 1497 و1502، أثبت أمريجو فيسبوتشي أن كولومبس قد اكتشف قارة جديدة. ونظرا لأن فيسبوتشي قام بنشر اكتشافاته عبر آلة الطباعة، فقد ارتبط اسمه هو وليس اسم كولومبس بتلك القارة الجديدة - أمريكا - في الفكر الأوروبي. وهكذا أصبحت قشتالة تملك قارة منفصلة تدعي ملكيتها، وإمبراطورية عليها بناؤها من شأنها أن تتنافس مع جارتها الأيبيرية.
Page inconnue